موقع الحاج ابومهندالسلامي النجفي
علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه  354088159

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

موقع الحاج ابومهندالسلامي النجفي
علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه  354088159
موقع الحاج ابومهندالسلامي النجفي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه  Empty علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه

مُساهمة من طرف ابومهندالسلامي النجفي السبت يوليو 02, 2011 4:03 pm


علي مع القرآن والقرآن مع علي
تمهيد:

الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لرحمته، ومجلباً لكمال نعمه، والصلاة والسلام على سيد خلقه وافضل بريته وخاتم رسله، محمد المصطفى وعلى آله الهداة الاخيار الميامين الابرار، وبعد...

لقد حصحص الحق وبلغت النفس مناها بما تصبو اليها، في انجاز المجلد الرابع والخامس من الموسوعة «علي في الكتاب والسنّة والادب» والذي ضم بين دفّتيه مختارات من النظم والنثر مما قيل في أمير البيان، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

ابتداءً من القرن الاوّل، وحتّى القرن الخامس عشر في مجلّدين الاول يحوي مختارات من الشعر والنثر خلال ثلاثة عشر قرناً، والثاني مختص بالقرن الرابع عشر والخامس عشر وما قيل في أمير المؤمنين من النثر، وهي الخاتمة لهذه الموسوعة الميمونة المباركة.

ولطالما كنت أصبو لتحقيق هذه الاُمنية العزيزة الغالية، غير اني كنت أتهيّب من الولوج في هذا المضمار.

ولكن قول الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الذي شجّعني ودفعني أن أخوض هذا البحر الزخار واقتحم هذا الخضم المتلاطم بالامواج واغور في اعماقه، قوله (عليه السلام): «اذا رِبْتَ شيئاً فقع فيه» لاستخرج من اصدافه اللالئ النضيدة، والدرر الزاهية، وأصبّها في بودقة الولاء.

أسأله تعالى أن يسدّد خطانا وأن يهدينا إلى سواء السبيل.

فانّه أرحم الراحمين.

العبد المنيب
حسين الشاكري

الحمد لله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، والصلاة والسلام على خير خلقه اجمعين محمد وآله الطاهرين.

وبعد:

فإن شخصية أمير المؤمنين (عليه السلام) هي أعظم شخصية عرفها التاريخ بعد الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، تلك الشخصية التي بزَّت كل شخصيات العالم. ولا نريد ان نذكر هنا ما قيل فيه:

«وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا»

وبما أني ألكن، عاجز عن الكلام في سبر غور أمير البيان وإمام الفصاحة والبلاغة، ووصف ما يتحلّى به، فقد وجدت من المناسب أن اقتطف من مقدمة الاديب الخطيب الشيخ جعفر الهلالي في ملحمته العلوية مكتفياً بذلك، وقد قيل: السعيد من اكتفى بغيره.

إذا استثنينا الحديث عن شخصية الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن أبرز شخصية عرفها التاريخ البشري هي شخصية الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

والحديث عن هذه الشخصية - بما لها من أبعاد - حديث متشعب الجوانب، مترامي الاطراف، لا يدري الباحث أو الكاتب عن أيّها يتحدث وأيها يتناول.

إن الحديث ليسهل عندما يتناول الانسان في حديثه عظيماً من العظماء، ذلك أن العظيم هو ذلك الشخص الذي يتميّز عن سائر الناس، ويتفوق عليهم بتحلّيه بإحدى صفات الكمال النفسية منها، أو الفكرية، أو الانسانية، أو العضلية، كأن يكون شجاعاً، أو فيلسوفاً متفوقاً، أو مصوراً بارعاً، أو شاعراً محلّقاً، أو مخترعاً مبدعاً، أو قائداً ناجحاً، أو غيره.

لكن عندما يكون الشخص الذي نتحدّث عنه مثل الامام علي (عليه السلام) الذي جمع كل الصفات ومختلف الكمالات البشرية، فإن ذلك مما يجعل الباحث أمامه حائراً.

لانه سيقف امام هذا الزخم الهائل من صفات العظمة والبطولة، والتي تكوّن بمجموعها عالماً قد جمع في فرد، وما هذا بعجيب، وقد قيل قديماً:

ليس على الله بمستنكر * * * أن يجمع العالم في واحد

حقاً إن الدهر ليطأطئ هامه إعجاباً واكباراً أمام هذه العظمة ذات النواحي المختلفة، والمتمثلة بطهارة الذات، وصلابة المعتقد، وصفاء السريرة، وغزارة العلم ، وتوقّد الفكر، وشجاعة القلب، وقوة الايدي، وكنف الرحمة، وعنوان الزهد، ومثال التقوى، وحسن السياسة. أضف إلى ذلك ما عرف به - (عليه السلام) - من صفة الحاكم العادل، والمصلح الاجتماعي، والمعلّم التربوي، والخطيب المفوّه، والطبيب النفساني ، والمتألّه الربّاني. وقد أعجب كل الدارسين لحياته والمتحدّثين عن شخصه ، فقد تسابق الى التحدّث عنه ارباب الاقلام وأصحاب الدراسات منذ عهد الرسالة وحتى اليوم، ولا تزال شخصيّته اللّغز الذي يعسر حلُّه حتى حارت به العقول، ولم يقتصر هذا الاعجاب على المؤرخ أو الباحث، أو الدارس المحلل، وانما تعدّاه الى عالم الشعر والادب، فكم تغنّى بعظمته الشعراء، وسجّلوا في شعرهم أروع الصور التي تعبّر عن شعورهم واعجابهم وصبهم لهذه الذات العظيمة على اختلافهم في الملل والمذاهب والاتجاهات، ولكنهم التقوا على هذا الصعيد الواحد، فهذا بقراط المسيحي يقول:


ولا تعتريني في عليّ ورهطه * * * إذا ذكروا في الله لومة لائمِ
يقولون ما بال النصارى تحبّهم * * * وأهل النهى من أعرب وأعاجمِ
فقلتُ لهم إني لاحسبُ حبَّهم * * * سرى في جميع الخلق حتى البهائمِ





ولو جمع ما قيل في عليّ (عليه السلام) من الشعر من الصدر الاول للاسلام حتى يومنا الحاضر لشكَّل أكبر موسوعة شعرية لا نظير لها في عالم الوجود، وهذا ما لم يتّفق لغيره (عليه السلام)، أضف الى ذلك، الملاحم المطوّلة، والبنود الرائعة، والموشّحات الجميلة، والشعر الحر، والتخميس والتشطير وغيرها.

وقد وُفّقت - ولله الحمد - لاتمام موسوعة «علي (عليه السلام) في الكتاب والسنة والادب»، في مجلدين الرابع والخامس، الذي حوى على المنتخب ممّا قيل في علي (عليه السلام) من الشعر ثم باقة مقتطفة من النثر، طيلة خمسة عشر قرناً وفق التسلسل الزمني لوفيات قائليها مع ترجمة موجزة مختصرة.

واني في الوقت الذي أشكر الاديب الفاضل فرات الاسدي، مدير دار الادب الاسلامي، على اشرافه ومراجعته، والشيخ عبدالستار فرج الله على فهرسته.

اسأل المولى القدير ان يتفضّل علينا بالقبول وان يجعله ذخراً لنا يوم اللظى الاكبر، وان يسقينا من حوضه الكوثر شربةً لا نظمأ بعدها أبداً، وهو المسدّد وهو أرحم الراحمين.
حسين الشاكري
دار الهجرة - قم المقدّسة - 1417 هـ




أمير المؤمنين (عليه السلام)

علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو غنيٌّ عن التعريف.

وله (عليه السلام):

محمدٌ النبيُّ أخي وصنوي * * * وحمزة سيِّد الشهداء عمّي
وجعفرٌ الذي يُضحي ويُمسي * * * يطير مع الملائكة ابن أُمّي
سبقتكُم إلى الاسلام طرّاً * * * على ما كان من فهمي وعلمي
فأوجب لي ولايته عليكم * * * رسول الله يوم غدير خمِّ
فويلٌ ثمَّ ويلٌ ثمَّ ويلٌ * * * لمن يلقى الاله غداً بظلمي
لقد علم الاُناس بأنَّ سهمي * * * من الاسلام يفضل كلَّ سهمِ
وأنّي قائدٌ لِلناس طرّاً * * * إلى الاسلام من عرب وعجمِ
وفي القرآن ألزمهم ولائي * * * وأوجب طاعتي فرضاً بعزمِ
كما هارون من موسى أخوه * * * كذاك أنا أخوه وذاك إسمي
لذاك أقامني لهمُ إماماً * * * وأخبرهم به بغدير خمِّ
فمن منكم يعادلني بسهمي * * * وإسلامي وسابقتي ورحمي؟




ومن حكمه (عليه السلام):
«الدنيا»


تحرَّز من الدُّنيا فإنَّ فِناءَها * * * مَحَلُّ فناء لا محَلُّ بقاءِ
فَصَفْوتُها ممزُوجَةٌ بكُدُورَة * * * وراحَتُها مَقرونَةُ بِعَناءِ



«العلم وأهله»


النَّاس من جهة التَّمثيل أكفاءُ * * * أبوهُمُ آدمٌ والاُمُّ حوَّاءُ
وإنَّما أُمَّهاتُ الناسِ أوعِيةٌ * * * مُستودَعاتٌ ولِلاحسابِ آباءُ
فإنْ يكُنْ لهُمُ من أصلهم شرَفٌ * * * يُفاخِرون به فالطِّينُ والماءُ
ما الْفضلُ إلا لاهْلِ العِلْم إنَّهُمُ * * * على الهُدى لِمن استهدى أدلاّءُ
وقيمةُ المَرْءِ ما قد كان يُحسنُهُ * * * والجاهِلُون لاهْل العلم أعداءُ
فقُمْ بِعِلم لا تطْلُب به بَدلاً * * * فالنَّاسُ موتى وأهلُ العِلْمِ أحياءُ





«الاصدقاء والزمن»


تغيَّرتِ المودَّةُ والاخاءُ * * * وقلَّ الصِّدقُ وانقَطَعَ الرَّجاءُ
وأسْلَمَنِي الزمانُ الى صديق * * * كثير الغدرِ ليس لَهُ رِعاءُ
وَرُبَّ أخ وفيتُ له بِحقٍّ * * * ولكن لا يدُومُ له وفاءُ
أخلاّءٌ اذا استغنيتُ عنهُم * * * وأعداءٌ إذا نَزَلَ البَلاءُ
يُديمُون المودَّةَ ما رأَوْنِي * * * ويبقى الوُدُّ ما بقي اللِّقاءُ
وإن غُيِّبتُ عن احد قلاني * * * وعاقَبَني بما فيه اكتِفاءُ
سيغنيني الذي أغناهُ عنِّي * * * فلا فَقْرٌ يدومُ ولا ثراءُ
وكُلُّ مودِّة لله تصفُو * * * ولا يَصْفُو مع الفِسْقِ الاخاءُ
وكُلُّ جراحة فَلَها دواءٌ * * * وسوءُ الخُلْقِ ليس له دواءُ
وليس بدائم ابداً نعيمٌ * * * كذاك البُؤسُ ليس له بقاءُ
إذا أنكرتُ عهداً من حميم * * * ففي نفسي التَّكرُّمُ والحياءُ
إذا ما رأسُ أهلِ البيت وَلّى * * * بدا لَهُمُ من النَّاسِ الجَفاءُ

الفصل الاوّل

في شعراء القرن الاوّل

مالك الاشتر


(... - 38 هـ)
هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث النخعيّ، يتصل نسبه بيعرب بن قحطان فارسٌ شهير وشاعرٌ قدير.

لم تعرف على وجه التحديد سنة ولادته، ولكن يمكن تخمينها وتقريبها - اعتماداً على بعض القرائن(1)- بين سنتي 25 - 30 قبل الهجرة النبوية الشريفة أو ما يقارب ذلك.

لقّب بالاشتر ; لانه شُترت(2) إحدى عينيه في معركة اليرموك سنة 15 هـ/ 736 م بين المسلمين والروم.

تابعي جليل، عالم، خطيب مفوّه، شاعر فصيح، جواد، حليم، فارس شجاع شديد البأس، وكان رئيساً في قومه مذحج.

خاض غمار لهوات حروب عديدة في عهدي الخليفتين الاوّل والثاني، وكان في خلافة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ساعده الايمن، ولا عجب أن يقول فيه الامام علي (عليه السلام): كان لي مالك كما كنت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

تولى إمارة الموصل، ونصيبين، ودارا، وسنجار، وآمد، وهيت، وعانات ، وغيرها والياً لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) مدة من الزمن. ولما أرسله أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مصر والياً عليها كانت خاتمة حياته قبل أن يصلها، وذلك عام 38 هـ/ 658 م بجرعة من عسل سُقي بها.

وللاشتر شعرٌ يمتاز بجمال الاُسلوب، وأخذه بمجامع القلوب، فمن ذلك قوله وهو من بدائع شعره وروائعه:
بقّيت وَفري وانحرفتُ عن العُلى * * * ولقيت أضيافي بوجه عَبوسِ
إن لم أشنَّ على ابن هند غارةً * * * لم تخلُ يوماً من نِهابِ نفوسِ
خيلاً كأمثالِ السَّعالي شُزَّباً * * * تعدو ببيض في الكريهة شُوسِ
حَمِيَ الحديدُ عليهمُ فكأنـّهُ * * * وَمَضانُ برق أو شعاعُ شُموسِ

وأما شعره في الحماسة فهو من أروع ما جادت به قريحته الحية، ويكاد يكون هو الغالب العام في شعره، فمن ذلك قوله غاضباً لقتل واحد من أعز أصدقائه وهو عمار بن ياسر:
إن تقتلوا منا أبا الـ * * * ـيقظان شيخاً مُسلما
فقد قتلنا منكُمُ * * * سبعين رأساً مجرِما

والمترجم زعيم في قومه كما قلنا، ورأس حربتهم، ولهمته العالية وشخصيته الطموحة ; فهو يأنف أن يمدح أحداً ويفضله على نفسه إلاّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإنه يلتذ بمدحه ونشر فضائله، فهو ينتشي حينما يقول:
هذا عَليٌّ في الدُّجى مِصباحُ * * * نحنُ بذا في فضلِهِ فِصاحُ(3)



وحينما يقول:
وإنّا إذا ما احتَسَبنا الوَغى * * * أدرنَا الرَّحى بصُنُوفِ الحُدُلْ
وضرباً لِهاماتِهِم بالسُّيُوفِ * * * وطعناً لهُم بالقَنا والاسَلْ
أبو حَسَن صوتُ خيشُومِها * * * بأسيافِهِ كُلُّ حام بَطَلْ
على الحَقِّ فينَا لَهُ مَنْهَجٌ * * * على واضِحِ القَصدِ لا بالمَيَلْ(4)



وله أيضاً وقد افتقد الامام علياً في إحدى جولات معركة صفين، فلما رأى الامام سالماً كبّر وأنشأ يقول - وهي من فرائده في مدحه (عليه السلام) -:
كلُّ شيء سوى الامامِ صغيرُ * * * وهلاكُ الامامِ خَطبٌ كبيرُ
قد أُصِبنا وقد أُصيبَ لنا اليو * * * مَ رجالٌ بُزلٌ حماةٌ صُقورُ
واحِدٌ منهُمُ بألف كبير * * * إنَّ ذا من ثوابِهِ لكَثيرُ
إنَّ ذا الجَمْعَ لا يزالُ بخَير * * * فيه نُعمى ونعمَة وسُرورُ
من رأى غُرَّةَ الوَصِيِّ عَلِيٍّ * * * إنَّهُ في دُجى الحنادِس نُورُ
إنَّهُ والَّذي يَحُجُّ له النَّا * * * سُ سِراجٌ لدى الظّلامِ مُنيرُ
مَن رضَاهُ إمامُهُ دخَلَ الجَنَّـ * * * ـةَ عفواً وذنبُهُ مغفورُ
بعد أن يقضِيَ الَّذي أَمَرَ اللَّـ * * * ـهُ بِهِ ليسَ في الهُدى تَخييرُ(5)

وقال وهو يفخر ويذكر إمامه علياً (عليه السلام):
أَلمْ تَرَ أنِّي في المَعارِكِ أشتَرُ * * * أُفلِّقُ هاماتِ اللُّيُوثِ وأنفِرُ
أمِثلِي يُنادى في القتالِ جَهالةً * * * لَقِيتَ حِمامَ الموتِ والمَوتُ أحمَرُ
ضَربتُكَ ضرباً مِثلَ ضربِ إمامِنَا * * * عليٍّ أميرِ المُؤمنينَ وأعذَرُ(6)



وقال في المعنى أيضاً:
لَستُ - وإن يُكرَه - ذا الخِلاطِ * * * ليسَ أخُو الحربِ بذي اختلاطِ
لكنْ عبوسٌ غيرُ مُستَشاطِ * * * هذا عليٌّ جاءَ في الاسباطِ
وخلَّفَ النَّعيمَ بالافراطِ * * * بعَرْصَة في وَسَطِ البَلاطِ
مُنَخَّل الجِسمِ من الرِّباطِ * * * يحكُمُ حكمَ الحَقِّ لا اعتباطِ(7)



ولما عرض الاشتر (رضي الله عنه) على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن يلزم الذين تخلفوا عن بيعته البيعة له، ردّه الامام بقوله: إني أعرَف بالناس منك، فوجد من ذلك في نفس الاشتر فأنشأ أبياتاً قال فيها:
مَنحْتُ أميرَ المُؤمِنينَ نصيحَةً * * * فكان امرَءاً تُهدى إليهِ النَّصَائحُ
فَإِن لم أُصِبْ رأياً فحقاً قَضيتُهُ * * * وإلاّ فما فيما ترى العينُ قادِحُ
وقُلتُ له والحَقُّ فيه وعندَهُ * * * وقلبي لَهُ قد يعلَمُ اللهُ جانِحُ
أيرغَبُ عمَّا نَحْنُ فيه مُحَمَّدٌ * * * وسَعدٌ وعبدُ اللهِ والحَقُّ واضِحُ
وأنتَ أميرُ المُؤمنينَ وسيفُنَا * * * إذا ذُكِرَتْ بيضٌ ومنهَا المَنائحُ
فإنْ يَكُ قد ثَابُوا لرُشد فإنَّما * * * أصابُوا طريقَ الحَقِّ والحَقُّ صالِح
وما مِنهُمُ إلاّ عزيزٌ برأيِهِ * * * أخو ثِقَة في النّاسِ غاد ورائِحُ
ولكِنْ رأوا أمراً لهم فيه مَطمَعٌ * * * وكَادُوكَ من جَهل كأنَّك مازحُ
وفي النّاس ما واليتُ غيره واحداً * * * ولو طَمَعتْ فيهِ الكِلابُ النّوابحُ(8)

وبالاضافة لما يتمتع به الاشتر من موهبة شعرية، فإنه خطيب مفوّه كما ذكرنا، وصاحب حجة واضحة، وقدرة فائقة على تقديم البراهين والاجوبة المُسكتة المُفحمة ; وهكذا وصفه مترجموه بالخطيب، والعالم الفصيح أمثال الذهبي والزركلي وغيرهم، وسوف نورد في قسم النثر مقاطع من كلامه، وهي شواهد على ذلك.


عمرو بن العاص

(... - 43 هـ)
عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سُعَيد القرشي، داهية من دهاة العرب وشاعرٌ وخطيب، منه ابتداء الفتنة وصدورها وإليه انتهاؤها وورودها، أبوه هو الابتر بنص التنزيل: (إن شانئك هو الابتر) كما هو عن ابن سعد في طبقاته، وابن قتيبة في معارفه، وابن عساكر في تاريخه، وذهب التابعي الكبير سُليم الهلالي إلى أن المترجم هو المقصود بالاية المباركة ; لما كان عليه من بغض وشنآن لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). ويؤيد هذا المذهب ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في أبيات له، أولها:
إن يقرنوا وصيّه والابترا * * * شاني الرسول واللّعين الاخزرا
وكان معدوداً من الادعياء في الجاهلية كما هو عن الكلبي (ت 206 هـ) في كتابه: «مثالب العرب».

ماتَ في ليلة الفطر عام 43 هـ/ 663 م عن تسع وتسعين سنة.

له في توبيخ معاوية وذكر فضائل الامام علي (عليه السلام):
معاويةُ الحالَ لا تجهلِ * * * وعن سُبل الحقِّ لا تعدلِ
نسيت احتياليَ في جُلَّق * * * على أهلها يوم لبس الحلي؟



حتى يقول:
وكم قد سمعنا من المصطفى * * * وصايا مخصّصةً في علي؟
وفي يوم «خمّ» رقى منبراً * * * يُبلّغ والركب لم يرحلِ
وفي كفِّه كفّه معلناً * * * يُنادي بأمر العزيز العلي
ألستُ بكم منكُم في النفوس * * * بأولى؟ فقالوا: بلى فافعلِ
فأنحله إمرة المؤمنين * * * من الله مُستخلف المنحلِ
وقال: فمن كنت مولىً له * * * فهذا له اليوم نعم الولي
فوالِ مواليه ياذا الجلال * * * وعاد معادي أخي المرسلِ
فبخبخ شيخك لَمـّا رآى * * * عُرى عقد حيدرَ لم تُحللِ
فقال: وليّكُمُ فاحفظوه * * * فمدخله فيكمُ مدخلي
وإنّا وما كان من فعلنا * * * لفي النّار في الدرك الاسفلِ
وإنَّ عليّاً غداً خصمنا * * * ويعتزُّ بالله والمرسلِ

وله يردُّ على معاوية حينما ذكره بما كان منه، يوم كشف عن سوأته لينجو من الامام، قوله:
معاوي لا تشمَت بفارس بُهمة * * * لقى فارساً لا تعتريه الفوارسُ
معاوي إن أبصرت في الخيل مقبلاً * * * أبا حسن يهوي دهتْكَ الوساوسُ
وأيقنتَ أنّ الموت حقٌّ وأنّه * * * لنفسك إن لم تمض في الركض حابسُ
فإنَّك لو لاقيتَه كنت بومةً * * * أُتيح لها صقرٌ من الجوِّ رايسُ
وماذا بقاء القوم بعد اختباطه؟ * * * وإنّ امرأً يلقى عليّاً لايسُ
وتشمتُ بي إن نالني حدُّ رمحه * * * وعضَّضني نابٌ من الحرب ناهسُ
أبى الله إلاّ أنَّه ليثُ غابة * * * أبو أشبل تُهدى إليه الفرايسُ
وأيُّ امرئ لاقاه لم يُلف شلوه * * * بمعترك تسفي عليه الروامسُ




حسان بن ثابت

(65 ق. هـ - 55 هـ)
حسان بن ثابت بن المنذر بن طرم بن عمرو بن زيد مناة أشهر شعراء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولد قبل مولدهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) بثماني سنين - وهو ما يقابل سنة 65 قبل الهجرة تقريباً -. وكان من الشعراء المشهورين قبل وبعد الاسلام الذي اهتدى بنوره فترة، ثم ضلّ عن ذلك، وقد تنبأ له الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك وخاطبه بقوله: «مازلت مؤيداً بروح القدس ما زال لسانك معنا».

بيته بيت شعر وأدب مشهور في عراقته بذلك ; حتى قال فيه قائل:
فمن للقوافي بعد حسان وابنه * * * ومن للمثاني بعد زيد بن ثابت



وقد حاد عن الطريق الجادة وأنكر بيعة علي (عليه السلام) بعدما حضرها وترجمها شعراً وقد مات على ذلك عام 55 هـ/ 675 م.

وله في حديث الغدير قوله:
يُناديهُمُ يوم الغدير نبيّهم * * * بخمٍّ وأسمعْ بالنبيِّ مناديا
وقد جاءه جبريل عن أمر ربِّه * * * بأنَّك معصومٌ فلا تك وانيا
وبلّغْهُمُ ما أنزل الله ربّهم * * * إليك ولا تخشَ هناك الاعاديا
فقام به إذ ذاك رافع كفّه * * * بكفِّ عليّ مُعلن الصوت عاليا
فقال: فمن مولاكمُ ووليّكم * * * فقالوا ولم يبدوا هناك تعاميا
إلهك مولانا وأنت وليّنا * * * ولن تجدن فينا لك اليوم عاصيا
فقال له: قم يا عليٌّ فإنّني * * * رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاهُ فهذا وليّه * * * فكونوا له أنصار صدق مواليا
هناك دعا اللّهم والِ وليَّه * * * وكن لِلّذي عادى عليّاً معاديا
فيا ربّ أُنصر ناصريه لنصرهم * * * إمام هدىً كالبدر يجلو الدياجيا
وله في رُقْيَة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليٍّ (عليه السلام) يوم خيبر:
وكان عليٌّ أرمد العين يبتغي * * * دواءً فلمّا لم يحسّ مداويا
شفاه رسول الله منه بتفلة * * * فبورك مرقيّاً وبورك راقيا
فقال: سأُعطي الراية اليوم ضارباً * * * كميّاً محبّاً للرسول مواليا
يحبُّ إلهي والاله يحبّه * * * به يفتح الله الحصون الاوابيا
فخصَّ بها دون البريَّة كلّها * * * عليّاً وسـمّـاه الوزير المواخيا

وله في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) حينما ردَّ مقولة عمرو بن العاص في الانصار قوله:
جزى الله خيراً والجزاء بكفّه * * * أبا حسن عنّا ومَن كأبي حسنْ؟
سبقتَ قريشاً بالذي أنت أهله * * * فصدرك مشروحٌ وقلبك ممتحن
تمنَّت رجالٌ من قريش أعزَّةٌ * * * مكانك هيهات الهزال من السمَن
وأنت من الاسلام في كلِّ منزل * * * بمنزلة الطرف البطين من الرسن
غضبت لنا إذ قال عمرو بخصلة * * * أمات بها التقوى وأحيا بها الاحن
حفظت رسول الله فينا وعهده * * * إليك ومَن أولى به منك مَن ومَن؟
ألستَ أخاه في الهدى ووصيَّه * * * وأعلم فهر بالكتاب وبالسنن؟
فحقّك ما دامت بنجد وشيجةٌ * * * عظيمٌ علينا ثمَّ بعدُ على اليمن



ومن شعره في أمير المؤمنين:
أنزل الله والكتاب عزيزٌ * * * في عليّ وفي الوليد قرانا
فتبوَّا الوليد من ذاك فسقاً * * * وعليٌّ مبوّأ إيمانا
ليس من كان مؤمناً عرف اللّـ * * * ـه كَمَن كان فاسقاً خوَّانا
فعليٌّ يلقى لدى الله عزّاً * * * ووليدٌ يلقى هناك هوانا
سوف يُجزى الوليد خزياً وناراً * * * وعليٌّ لا شكَّ يُجزى جنانا



ومن شعره في أمير المؤمنين قوله:
مَن ذا بخاتمه تصدَّق راكعاً * * * وأسرَّها في نفسه إسرارا
مَن كان بات على فراش محمَّد * * * ومحمَّدٌ أسرى يؤمُّ الغارا
مَن كان في القرآن سُمِّي مؤمناً * * * في تسع آيات تُلين غزارا(9)



ومن شعره في أمير المؤمنين قوله:
أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي * * * وكلّ بطيء في الهدى ومسارعِ
أيذهب مدحي والمحبين ضايعاً؟ * * * وما المدح في ذات الاله بضايعِ
فأنت الّذي أعطيت إذ أنت راكعٌ * * * فدتك نفوس القوم يا خير راكعِ
بخاتمك الميمون يا خيرَ سيِّد * * * ويا خيرَ شار ثمَّ يا خيرَ بايعِ
فأنزل فيك اللهُ خيرَ ولاية * * * وبيَّنها في محكمات الشَّرايعِ



ومن شعره في أمير المؤمنين أيضاً قوله:
جبريلُ نادى معلناً * * * والنقعُ ليس بمنجلي
والمسلمون قد احدقوا * * * حول النبيِّ المرسلِ
لا سيفَ إلاّ ذو الفقا * * * رِ ولا فتى إلاّ علي




قيس بن سعد

(... - 59 هـ)

قيس بن سعد بن عبادة الخزرجي ; سيد الخزرج. شاعرٌ خطيب كان جواداً سيداً كريماً فارساً ذا حزم وبأس، عاش على ولاية أمير المؤمنين وحبه ومات على نصرته. كان أحد مؤيدي الامام الحسن المجتبى (عليه السلام) في خلافه مع معاوية.

ولاّه أمير المؤمنين (عليه السلام) مصر سنة ست وثلاثين هجرية، ثم بعدها ولاية آذربيجان التي استدعاه منها في حربه (عليه السلام) مع معاوية بعد أن كتب له باستخلاف عبد الله الاحمسي مكانه.

شهد مع الرسول الاكرم المشاهد كلها، وكان حامل لواء الانصار مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). أما مواقفه مع أمير المؤمنين (عليه السلام) فمشهورة معروفة، وقد أرسله (عليه السلام) مع الحسن (عليه السلام) وعمار (رضي الله عنه) لدعوة أهل الكوفة، فخطب فيهم بعد الحسن (عليه السلام) وعمار، فقد كان خطيباً بارعاً بليغاً إضافة إلى زهده.

وكان عظيم الولاء لعلي وابنه الحسن (عليهما السلام)، وكان يحثه (عليه السلام) في حرب معاوية وقتاله.

توفي سنة 59 هـ وقيل 60 هـ/ 979 م ومنشأ الخلاف هو ذكر المؤرخين ذلك بأنه في آخر خلافة معاوية.

وله في التمسك بالامام علي (عليه السلام):
قلتُ لمّا بغى العدوُّ علينا * * * حسبُنا ربُّنا ونعم الوكيلُ
حسبُنا ربُّنا الذي فتح البصـ * * * ـرة بالامس والحديث طويلُ
وعليٌّ إمامنا وإمامٌ * * * لسوانا أتى به التنزيلُ
يوم قال النبيُّ: من كنت مولا * * * هُ فهذا مولاه خطبٌ جليلُ
إنَّما قاله النبيُّ على الاُ * * * مَّة حتمٌ ما فيه قالٌ وقيلُ

وقال قيس بن سعد حين أجاب أهل الكوفة:
جزى الله أهل الكوفة اليوم نصرةً * * * أجابوا ولم يأبوا بخذلان مَن خذلْ
وقالوا: عليٌّ خير حاف وناعل * * * رضينا به من ناقضي العهد مِن بدلْ



وله في التمسك بحبل الولاية:
رضينا بقسم الله إذ كان قسمنا * * * عليٌّ وأبناء الرسول محمَّدِ
وقلنا لهم: أهلاً وسهلاً ومرحباً * * * نمدُّ يدينا من هوىً وتودُّدِ




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1]) راجع ديوان مالك الاشتر : ص 7 ـ 8 .


([2])الشتر : هو انقلاب جفن العين أو انشقاقه .


([3]) مناقب ابن شهر آشوب : 3 / 189 .


([4]) وقعة صفين : 193 ـ 194 ، فتوح البلدان : 2 / 22 ـ 23 .


([5])فتوح البلدان : 2 / 134 .


([6]) مناقب الخوارزمي : 155 .


([7]) وقعة صفين : 181 .


([8]) فتوح البلدان : 1 / 439 .


([9]) يلفت الشاعر النظر الى أنّ الايات التي وصفت أمير المؤمنين بأنه مؤمن هي تسع ، وربما هي أكثر ، إذ ربما يكون هذا العدد حتى زمان نظم حسان شعره هذا . أما مجموع الايات فيه فتبلغ واحداً واربعين آية كما ورد في النور المشتعل لابي نعيم ، حتى أن مزاحماً كتب في (صفينه) ص26 : أن معاوية بن صحصحة ـ ابن أخي الاحنف ـ كتب الى قومه ـ مع كتاب عمه ـ يدعوهم الى نصرة أمير المؤمنين (عليه السلام) :

وإن عليّاً خير حاف وناعل فلا تمنعوه الامر جهداً ولا جدا

ومن نزلت فيه ثلاثون آية تسمّيه فيها مؤمناً مخلصاً فرداً

عن بهج الصباغة للتستري ـ بتصرف ـ .

أما من طرقنا فتكاد تبلغ أضعاف ذلك
الفصل الثاني
ابومهندالسلامي النجفي
ابومهندالسلامي النجفي
انت رائع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه  Empty رد: علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه

مُساهمة من طرف ابومهندالسلامي النجفي السبت يوليو 02, 2011 4:33 pm


الفصل الثاني
في شعراء القرن الثاني
العبدي الكوفي

(42 هـ - 115 هـ)
أبو محمد سفيان بن مصعب العبدي الكوفي، شاعر معروف أحد من نظم في أئمة أهل بيت الرحمة (عليهم السلام)، وأحد المعلنين ولاءهم لهم (عليهم السلام). طالما ما استنشده الصادق (عليه السلام) شعره، وكان (عليه السلام) يبكي إذا ما مرّ على ذكر فاجعة السبط الشهيد، سيد شباب أهل الجنة (عليه السلام).

وكان الشيخ (رضي الله عنه) يُعدّه من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام)، حتى أن الامام (عليه السلام)أمر بتعليم شعره لابناء شيعته، وعلّله (عليه السلام): أنه على دين الله. وقد أمره الامام (عليه السلام)بنظم ما تنوح به النساء في مآتم الحسين (عليه السلام). وكان ينظم مناقب العترة (عليهم السلام) شعرا بعد أخذها من الامام (عليه السلام) ثم يعرضها عليه.

وقد قال السيد الحميري بعد واقعة وقعت له مع شاعرنا: أنا أشعر الناس إلا العبدي.

شعره يعجّ بذكر أهل البيت (عليهم السلام)، وقد شرفَ بذكرهم بعد أن ملات صفحاته مناقبهم وكراماتهم على الله.

تنويه:

ومما يجدر بنا ذكره: أن أحد شعراء الشيعة ; كان ممن شارك شاعرنا كنية ، ولقباً وبيئة ونشأة ومذهبا، وذلك يوقع في كثير من اللبس بينهما والاشتباه ، وشبيهه هو يحيى بن بلال، أبو محمد العبدي الكوفي الشيعي. وقد وقع الخلط من كثير من الادباء بينهما. ولما لم يجدوا للاخير ترجمة سكت عنه الاولون ولم يتعرضوا لتعريفه.

ولشاعرنا المترجَم في حديث الغدير قوله:
حتى يقول:
وكان أوَّل من أوصى ببيعته * * * لك النبيُّ ولكن حال من كثبِ
حتّى إذا ثالثٌ منهم تقمّصها * * * وقد تبدَّل منها الجدُّ باللعبِ
عادت كما بدئت شوهاء جاهلة * * * تجرُّ فيها ذئابٌ أكلة الغلبِ
وكان عنها لهم في «خمّ» مزدجرٌ * * * لَمّا رقى أحمد الهادي على قتَبِ
وقال والناس من دان إليه ومن * * * ثاو لديه ومن مُصغ ومُرتقبِ
قم يا عليُّ فإنّي قد أُمرت بأن * * * أبلّغ الناس والتبليغ أجدر بي
إنّي نصبت عليّاً هادياً علماً * * * بعدي وإنَّ عليّاً خير منتصبِ
فبايعوك وكلٌّ باسطٌ يده * * * إليك من فوق قلب عنك منقلبِ
عافوك لا مانعٌ طولاً ولا حصرٌ * * * قوع ولا لهج بالغش والريبِ
وكنت قطب رحى الاسلام دونهم * * * ولا تدور رحىً إلاّ على قطبِ
ولا تُماثلهم في الفضل مرتبةً * * * ولا تُشابههم في البيت والنسبِ
إن تلحظ القرن والعسال في يده * * * يظلّ مضطرباً في كفِّ مضطربِ
وإن هززت قناةً ظلت توردها * * * وريد ممتنع في الرَّوع مُجتنبِ
ولا تسلّ حساماً يوم ملحمة * * * إلاّ وتحجبه في راس مُحتجبِ
كيوم خيبر إذ لم يمتنع زفرٌ * * * عن اليهود بغير الفرِّ والهربِ
فأغضب المصطفى إذ جرَّ رايته * * * على الثرى ناكصاً يهوي على العقبِ
فقال: إنّي سأُعطيها غداً لفتىً * * * يحبّه الله والمبعوث منتجبِ
حتّى غدوت بها جذلان تحملها * * * تلقاه أرعن من جمع العدى لجبِ
لك المناقب يعيى الحاسبون بها * * * عدّاً ويعجزعنها كلُّ مُكتتبِ
كرجعة الشمس إذ رمت الصَّلاةوقد * * * راحت توارى عن الابصار بالحجبِ
رُدَّت عليك كأنَّ الشهب مااتَّضحت * * * لناظر وكأنَّ الشمس لم تغبِ
وفي براءة أنباء عجائبها * * * لم تطو عن نازح يوماً ومُقتربِ
وليلة الغار لَمّا بتَّ ممتلئاً * * * أمناً وغيرك ملانٌ من الرعبِ
ما أنت إلاّ أخو الهادي وناصره * * * ومظهر الحقِّ والمنعوت في الكتبِ


ومن نماذج شعره:
وقد روى عكرمةٌ في خبر * * * ما شكَّ فيه أحدٌ ولا امترى
مرَّ ابن عبّاس على قوم وقد * * * سبّوا عليّاً فاستراع وبكى
وقال مغتاظاً لهم: أيّكُم * * * سبَّ إله الخلق جلَّ وعلا؟!
قالوا: معاذ الله قال: أيّكمْ * * * سبّ رسول الله ظلماً واجترا؟!
قالوا: معاذ الله قال: أيّكمْ * * * سبّ عليّاً خير من وطى الحصا؟!
قالوا: نعم قد كان ذا فقال: قد * * * سمعت والله النبيَّ المجتبى
يقول: من سبَّ عليّاً سبَّني * * * وسُبَّتي سبُّ الاله واكتفى
محمَّدٌ وصنوه وابنته * * * وابناه خير من تحفّى واحتذى


ومن شعر العبديِّ يمدح أمير المؤمنين (عليه السلام):
وعلّمك الَّذي علم البرايا * * * وألهمك الَّذي لا يعلمونا
فزادك في الورى شرفاً وعزّاً * * * ومجداً فوق وصف الواصفينا
لقد اُعطيتَ مالم يُعط خلقٌ * * * هنيئاً يا أمير المؤمنينا
إليك اشتاقت الاملاك حتّى * * * تحنَّت من تشوُّقها حنينا
هناك برى لها الرَّحمن شخصاً * * * كشبهك لا يُغادره يقينا



الكميت بن زيد الاسدي

(60 هـ - 126 هـ)




أبو المستهل الكميت بن زيد الاسدي، ينتهي نسبه إلى مضر بن نزار بن عدنان، شاعرٌ شهيرٌ حجّة كان من أشعر شعراء الكوفة المقدمين في عصره، عالماً بلغات العرب خبيراً بأيامها.

ولد أيام مقتل سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) سنة 59 هـ أو 60 هـ، وقتل سنة 126 هـ في خلافة مروان بن محمد الحمار، ولم يدرك الدولة العباسية.

وكان معروفاً بالتشيع لال البيت (عليهم السلام) وبني هاشم، مشهوراً بذلك، قال أبو عبيده: لو لم يكن لبني أسد منقبة غير الكميت لكفاهم. وقال أبو عكرمة الضبّي: لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان، ولا للبيان لسان.

قيل: وكانت بنو أسد تقول: فينا فضيلة ليست في العالم، ليس منزل منا إلاّ وفيه بركة وراثة الكميت ; لانه رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام فقال له: أنشدني: طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب، فأنشده، فقال له: بوركت وبورك قومك.

وقد دعا له الائمة الاطهار (عليهم السلام) ومنهم الامام السجاد (عليه السلام) والصادق (عليه السلام)حيث رفع يديه الشريفتين بالدعاء له قائلاً: اللهم اغفر للكميت ما قدم وأخّر، وما أسرّ وأعلن، وأعطه حتى يرضى.

كان في صغره ذكياً لوذعياً، يقال: إنه وقف وهو صبيّ على الفرزدق ينشده ، فأُعجب به فلما فرغ قال له: أيسرك أني أبوك؟ قال: أما أبي فلا أُريد به بدلاً، ولكن يسرني أن تكون أمي. فحصر الفرزدق، وقال: ما مر بي مثلها.

وقد جمع الكميت من علم العرب ومناقبها ومعرفة أنسابها مالم يجمعه أحد، وكانت في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر: كان خطيب بني أسد ، وفقيه الشيعة، وحافظ القرآن، وكاتباً حسن الخط، ونسّابة، وكان جدلياً وهو أول من ناظر في التشيع مجاهراً بذلك، وكان رامياً لم يكن في بني أسد أرمى منه ، وكان فارساً، وكان شجاعاً، وكان سخياً ديّناً، ومن فضائله ما روي أنَّ البني (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى دعبلاً في منام رآه أن يذكره بسوء.

قال الجاحظ: ما فتح للشيعة الحِجاج إلاّ الكميت الاسدي بقوله:
فان هي لم تصلحْ لحيٍّ سواهمُ * * * فإنَّ ذوي القربى أحق وأوجبُ
يقولون لم يُورَث ولولا تراثهُ * * * لقد شركت فيها بكيلٌ وأرحبُ


توفي في خلافة مروان بن محمد الحمار سنة 126 هـ/ 743 م وكان السبب في موته، أنه مدح يوسف بن عمر بعد عزل خالد القسري عن العراق، فلما دخل عليه وانشده مديحه معرّضا بخالد القسري وكان الجند على رأس يوسف متعصبين لخالد فوضعوا سيوفهم في بطنه، فلم يزل ينزف الدم وهو يجود بنفسه ثم فتح عينيه، وقال: اللهم آل محمد. قالها ثلاثاً ومات (رحمه الله).

وقد بلغ شعره حين مات، خمسة آلاف ومائتين وتسعة وثمانين بيتاً (5289).

وهذه الابيات من قصيدة له تربو على المائة بيت، وهي من غرر شعره، ومطلعها:
مَنْ لِقَلب مُتَيَّم مُستَهامِ * * * غَير مَا صَبوة وَلاَ أحلامِ
طَارِقَات وَلاَ ادِّكَارِ غَوَان * * * وَاضِحَاتِ الخُدُودِ كَالارآمِ
بَلْ هَوَايَ الَّذِي أَجُنُّ وأُبْدِي * * * لِبَنِي هَاشِم فُرُوعِ الاَنامِ
لِلْقَرِيبينَ مِنْ نَدَىً وَالْبَعِيدِيـ * * * ـنَ مِنَ الْجَوْرِ فِي عُرَى الاَحْكام
وَالْحُمَاةِ الْكُفَاةِ في الْحَرْبِ إِنْ لَـ * * * ـفَّ ضِرَامٌ وَقُودَهُ بِضِرَامِ
وَالْغُيُوثِ الَّذِينَ إنْ أَمْحَلَ النَّا * * * سُ فَمَأوَى حَوَاضِنِ الايْتَامِ
رَاجِحِي الوَزْنِ كَامِلي الْعَدْلِ في السِّيـ * * * ـرَةِ طَبِّينَ بالاُْمُورِ العِظَامِ
وَإِذَا الْحَرْبُ أوْمَضَتْ بِسَنا الْحَرْ * * * بِ وَسَارَ الْهُمَامُ نَحْوَ الْهُمَامِ
فَهُمُ الاُْسْدُ في الْوَغَى لاَ اللَّوَاتِي * * * بَيْنَ خِيْسِ الْعَرِينِ وَالاْجَامِ
أُسْدُ حَرْب غُيُوثُ جَدْب بَهَالِيـ * * * ـلُ مَقَاوِيلُ غَيْرَ مَا أَفْدَامِ
فَهُمُ الاَْقْرَبُونَ مِنْ كُلِّ خَيْر * * * وَهُمُ الاَْبْعَدُونَ مِنْ كُلِّ ذَامِ
بَسَطُوا أَيْدِيَ النَّوَالِ وَكَفُّوا * * * أَيْدِيَ البَغْيِ عَنْهُمُ والعُرَامِ
أُسْرَةُ الصّادِقِ الحَدِيثِ أَبِي الْقَا * * * سِمِ فَرْعِ الْقُدَامِسِ القُدَّامِ
أَبْطِحِيٌّ بِمَكَّةَ اسْتَثْقَبَ اللهُ * * * ضِيَاءَ الْعَمَى بِهِ وَالظَّلاَمِ
وَإِلَى يَثْرِبَ التَّحَوُّلُ عَنْهَا * * * لِمُقَام مِنْ غَيْرِ دَارِ مُقَامِ
وَالْوَصِيُّ الَّذي أمَالَ الْتُّجُوبِيُّ * * * بِهِ عَرْشَ أُمَّة لانْهِدَامِ
كَانَ أَهْلَ الْعَفَافِ وَالَْمجْدِ وَالْخَيـْ * * * ـرِ وَنَقْضِ الاُْمُورِ وَالاِْبْرَامِ
وَالْوَصِيَّ الوَلِيَّ وَالفَارِسَ المُعـْ * * * ـلِمَ تَحْتَ الْعَجَاجِ غَيْرَ الْكَهَامِ
كَمْ لَهُ ثُمَّ كَمْ لَهُ مِنْ قَتِيل * * * وَصَرِيع تَحْتَ الْسَّنَابِكَ دامِي
وَخَمِيس يَلُفُّهُ بِخَمِيس * * * وَفِئَام حَوَاهُ بَعْدَ فِئَامِ
وَعَمِيد مَتَوَّج حَلَّ عَنْهُ * * * عِقَدَ التَّاجِ بِالصَّنِيعِ الْحُسَامِ
قَتَلُوا يَوْمَ ذَاكَ إذْ قَتَلُوهُ * * * حَكَماً لاَ كَغَابِرِ الْحُكَّامِ
رَاعِياً كانَ مُسْجِحاً فَفَقَدْنَا * * * هُ وَفَقْدُ الْمُسِيمِ هَلْكُ الّسَّوَامِ
نَالَنَا فَقْدُهُ وَنَالَ سِوَانَا * * * بِاجْتِدَاع مِنَ الاُنُوفِ اصْطِلاَمِ
وَأَشَتَّتْ بِنَا مَصَادِرُ شَتَّى * * * بَعْدَ نَهْجِ السَّبِيلِ ذِي الاْرَام
جَرَّدَ الْسَّيْفَ تَارَتَيْنِ مِنَ الدَّهْـ * * * ـرِ عَلى حِينَ دِرَّة مِنْ صَرَامِ
فِي مُرِيدِينَ مُخْطِئِينَ هُدَى اللَّـ * * * ـهِ وَمُسْتَقْسِمِينَ بِالاَْزْلاَمِ
ووصيّ الوصيّ ذي الخطة الفصـ * * * ـلِ ومردي الخصوم يوم الخصام
وَقَتِيلٌ بالطَّفِّ غُودِرَ مِنْهُ * * * بَيْنَ غَوْغَاءِ أُمَّة وَطَغَامِ
قَتَلَ الاْدْعِيَاءُ إذْ قَتَلُوهُ * * * أكْرَمَ الشَّارِبينَ صَوْبَ الْغَمَامِ


واقتطفنا هذه الابيات من قصيدته التي بلغت حوالي المِائة وأربعين بيتاً ومطلعها:
طَرِبْتُ وَمَا شَوْقاً إِلَى الْبِيضِ أَطْرَبُ * * * وَلاَ لَعِباً مِنِّي وَذُو الشَّيب يَلْعَبُ
وَلَمْ يُلْهِنِي دَارٌ وَلاَ رَسْمُ مَنْزِل * * * وَلَمْ يَتَطَرَّبنِي بَنَانٌ مُخَضَّبُ
وَلكِنْ إِلى أَهْلِ الْفَضَائِلِ وَالنُّهَى * * * وَخَيْرِ بَنِي حَوَّاءَ وَالخَيْرُ يُطْلَبُ
إِلَى النَّفَرِ البِيضِ الَّذِينَ بِحُبِّهِمْ * * * إِلَى اللهِ فِيَما نَالَنِي أَتَقَرَّبُ
بَنِي هَاشِم رَهْطِ النَّبِيِّ فَإنَّنِي * * * بِهِمْ وَلَهُمْ أَرْضَى مِرَاراً وَأَغْضَبُ
خَفَضْتُ لَهُمْ مِنِّي جَنَاحَي مَوَدَّة * * * إِلَى كَنَف عِطْفَاهُ أَهْلٌ وَمَرْحَبُ
فَمَا سَاءَنِي قَوْلُ امْرِئ ذِي عَدَاوة * * * بِعَوْرَاءَ فِيهِمْ يَجْتَدِيني فَأجْذَبُ
بِأَيِّ كِتَاب أمْ بِأَيَّةِ سُنَّة * * * تَرَى حُبَّهُمْ عَاراً عَلَيَّ وَتَحْسِبُ
يُشِيرُونَ بِالاَْيْدي إِلَيَّ وَقَوْلُهُمْ * * * أَلا خَابَ هذَا وَالْمُشِيرُونَ أَخْيَبُ
فَمَا سَاءَنِي تَكْفِيرُ هَاتِيكَ مَنْهُمُ * * * وَلاَ عَيْبُ هَاتِيكَ الَّتِي هِيَ أَعْيَبُ
وَقَالُوا تُرَابِيٌّ هَوَاهُ وَرَأْيُهُ * * * بِذَلِكَ أُدْعَى فِيهِمُ وَأُلقَّبُ
وَجَدْنَا لَكُمْ فِي آلِ حَامِيمَ آيَةً * * * تَأَوَّلَهَا مِنَّا تَقِيٌّ وَمُعْرِبُ
حَيَاتُكَ كَانَتْ مَجْدَنَا وَسَنَاءَنَا * * * وَمَوْتُكَ جَدْعٌ لِلْعَرَانِين مُوْعِبُ
وَأَنْتَ أَمِينُ اللهِ في النَّاسِ كُلِّهِمْ * * * وَنُعْتِبُ لَوْ كُنَّا عَلَى الْحَقِّ نُعْتَبُ
إِذَا شَرعُوا يَوْماً عَلى الْغَيِّ فِتْنَةً * * * طَرِيقُهُمْ فِيها عَنِ الْحقِّ أَنْكَبُ
رَضُوا بِخِلاَفِ الْمُهْتَدِين وَفِيهِمُ * * * مُخَبَّأَةٌ أُخْرَى تُصَانُ وَتُحْجَبُ
قَتِيل التَّجُوبِيِّ الَّذِي اسْتَوْأَرَتْ بِهِ * * * يُسَاقُ بِهِ سَوْقاً عَنِيفاً وَيُجْنَبُ
مَحَاسِن مِنْ دُنْيَا وَدِين كَأنـَّما * * * بِهَا حَلَّقَتْ بِالاَْمْسِ عَنْقَاءُ مُغْرِبُ
فَنِعْمَ طَبِيبُ الدَّاءِ مِنْ أمْرِ أُمَّة * * * تَوَاكَلَهَا ذُو الْطِّبِّ وَالْمُتَطَبِّبُ
وَنِعْمَ وَلِيُّ الاَْمْرِ بَعْدَ وَلِيِّهِ * * * وَمُنتَجَعُ الْتَّقْوَى وَنـِعْمَ الْمُؤَدِّبُ
سَقَى جُرَعَ الْمَوْتِ ابْنَ عُثَْمانَ بَعْدَمَا * * * تَعَاوَرَهَا مِنْهُ وَلِيدٌ وَمَرْحَبُ
وَشَيْبَةَ قَدْ أَثْوَى بِبَدْر يَنُوشُهُ * * * غُدَافٌ مِنَ الْشُّهْبِ الْقَشَاعِم أَهْدَبُ
لَهُ عُوَّدٌ لاَ رَأْفَةٌ يَكْتَنِفْنَهُ * * * وَلاَ شَفَقاً مِنْها خَوَامِعُ تَعْتِبُ
لَهُ سُتْرَتَا بَسْط فَكَفٌّ بِهَذِهِ * * * يَكُفُّ وَبِالاُخْرَى الْعَوَالِي تَخَضَّبُ


وهذه الابيات من قصيدته العينية ومطلعها:
نَفَى عَنْ عَيْنِكَ الاَْرَقُ الهُجُوعَا * * * وَهَمٌّ يَمْتَرِي مِنْهَا الدُّمُوعَا
لِفِقْدَانِ الْخَضَارِمِ مِنْ قُرَيْش * * * وَخَيْرِ الْشَّافِعِينَ مَعاً شَفِيعا
لَدى الرَّحْمَنِ يَصْدَعُ بِالْمَثَانِي * * * وَكَانَ لَهُ أَبُو حَسَن قَرِيعَا
وَأصْفَاهُ الْنَّبِيُّ عَلى اخْتِيَار * * * بِمَا أعْيى الرَّفُوضَ لَهُ الْمُذِيعَا
وَيَوْمَ الدَّوْح دَوْحِ غَدِيرِ خُمِّ * * * أبَانَ لَهُ الْوِلاَيَةَ لَوْ أُطِيعَا
وَلَكِنَّ الرِّجَالَ تَبَايَعُوهَا * * * فَلَمْ أَرَ مِثْلَهَا خَطَراً مَبِيعاً
أَضَاعُوا أَمْرَ قَائِدِهِمْ فَضَلُّوا * * * وَأَقْوَمِهِمْ لَدَى الْحَدَثَانِ ريعَا
تَنَاسَوْا حَقَّهُ وَبغَوْا عَلَيْهِ * * * بِلاَ تِرَة وَكَانَ لَهُمْ قَرِيعَا


وله من قصيدة في الغدير قوله:
عليٌّ أمير المؤمنين وحقه * * * من الله مفروضٌ على كل مسلمِ
وإنَّ رسول الله أوصى بحقّه * * * وأشركه في كلّ حقّ مقسّمِ
وردّم أبواب الذين بنى لهم * * * بيوتاً سوى أبوابه لم يردّمِ
وأوجب يوما بالغدير ولاية * * * على كل برٍّ من فصيح وأعجمِ



السيد الحميري

(105 هـ - 173 هـ)




أبو هاشم إسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع الحميري الملقّب بالسيد، شاعرٌ معروف يقال: إن أبويه كانا إباضيّين (بكسر الهمزة)، ولما سئل عن كيفيّة تشيّعه، قال: غاصت عليَّ الرحمة فاستنقذتني.

وكان علماء الشيعة يكبرونه ويجلّونه، وكان تلقى إليه وسادة في مسجد الكوفة. كل ذلك تأسّياً بالائمة الاطهار (عليهم السلام) وموالاة لاوليائهم، فقد أزلفه الامام الصادق (عليه السلام) وأراه من دلائل الامامة ما حفظ له المجد والكرامة، كحديث انقلاب الخمر لبناً، وحديث القبر، وحديث إطلاق لسانه عند مرضه، وغيره. وكان قد ولد في عمان سنة 105 هـ/ 723 م.

وكان الصادق (عليه السلام) يستمع شعره في الحسين (عليه السلام) فيبكي حتى يُسمع البكاء من داخل البيت. وقد اهتدى مخالف حينما رأى في المنام رجلاً ينشد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قصيدة السيد التي مطلعها:

أجدَّ بآل فاطمة البكورُ

وكان ثالث ثلاثة اشتهروا بكثره النظم وإجادته، والاخران هما: بشار وأبو العتاهية. حتى روي عن القوزي قوله: لو أن شعراً يستحق ألاّ ينشد إلا في المساجد لحسنه، لكان هذا. فإنه ما ترك منقبه لامير المؤمنين (عليه السلام) إلا نظمها شعراً وأذاعها على الناس، كما عن ابن المعتزّ في طبقاته - مضموناً - وقد خلع عليه أحد أمراء الكوفة خلعةً وأركبه فرساً فجاء إلى الكناسة وقال: من جاءني بمنقبة لامير المؤمنين (عليه السلام) ولم أنظم شعراً فيها فله فرسي وما عندي من مال ومتاع. فجعلوا يعددون له ويذكر لهم نظمه في ما ذكروا حتى حدثه أحدهم بحديث الخفّ وهي منقبة عظيمة فوهبه فرسه وما عنده بعد أن ارتجل شعراً فيها مطلعه:
ألا ياقوم للعجب العجاب * * * لخفّ أبي الحسين وللحبابِ


وكان أول عهده كيسانياً، ثم عرف طريق الحق ببركة أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) في مسألة خطابه (عليه السلام) لمحمد بن الحنفية (رضي الله عنه) وشهادته له بالامامة وأنَّه حجة الدهر والزمان.

ادرك (رحمه الله) عشراً من الخلفاء خمساً منهم من بني أمية وخمساً من بني العباس، فقد عاصر هشام بن عبد الملك الذي ولد السيد في أول خلافته، ووليد بن يزيد، ويزيد بن الوليد، وإبراهيم بن الوليد ومروان بن محمد، والسفاح، والمنصور، والمهدي، والهادي، والرشيد.

توفي (رحمه الله) في الرميلة ببغداد عام 173 هـ/ 789 م.

وله في الامام علي (عليه السلام) قوله:
يا بايع الدين بدنياهُ * * * ليس بهذا أمر الله
من أين أبغضتَ عليَّ الوصيْ * * * وأحمدٌ قد كان يرضاه
مَن الّذي أحمدُ في بينهم * * * يوم «غدير الخمِّ» ناداه؟
أقامه من بين أصحابه * * * وهم حواليه فسمـّـاه
هذا عليُّ بن أبي طالب * * * مولى لمن قد كنت مولاه
فوالِ مَنْ والاهُ ياذا العلا * * * وعادِ مَن قد كان عاداه


وله أيضاً في ذات المعنى:
هلاّ وقفت على المكان المُعشبِ * * * بين الطويلع فاللوى من كبكبِ


ويقول فيها:
وبخمّ إذ قال الاله بعزمة * * * قم يا محمّد في البريّة فاخطب
وانصب أبا حسن لقومك إنّه * * * هاد وما بلّغت إن لم تَنصب
فدعاهُ ثمَّ دعاهُمُ فأقامه * * * لهُمُ فبين مصدِّق ومكذِّب
جعل الولاية بعده لمهذَّب * * * ما كان يجعلها لغير مهذَّب
وله مناقبُ لا تُرام متى يُرِدْ * * * ساع تناول عضها بتذبذب


وله يخاطب أباه محمداً ويطلب منه الكف عن سبّ الامام علي (عليه السلام) قوله:
خَفْ يا محمَّد فالق الاصباحِ * * * وأزِلْ فساد الدين بالاصلاحِ
أتسبُّ صنو محمّد ووصيّه؟ * * * ترجو بذاك الفوز بالانجاحِ
أوصى النبيُّ له بخير وصيّة * * * يوم «الغدير» بأبين الافصاحِ
مَن كنت مولاهُ فهذا واعلموا * * * مولاهُ قول إشاعة وصراحِ
قاضي الديون ومرشدٌ لكُمُ كما * * * قد كنت أرشد من هدى وفلاحِ


وله أيضاً في ذكر تنصيب أمير المؤمنين (عليه السلام):
قد أطلتم في العذل والتنقيدِ * * * بهوى السيِّد الامام السديدِ


يقول فيها:
يوم قام النبيُّ في ظلِّ دَوح * * * والورى في وديقة صيخودِ
رافعاً كفَّه بيمنى يديه * * * بائحاً باسمه بصوت مديدِ
أيّها المسلمون هذا خليلي * * * ووزيري ووارثي وعقيدي
وابن عمّي ألا فمن كنت مولا * * * ه فهذا مولاه فارعوا عهودي
وعليٌّ منّي بمنزل هارو * * * ن بن عمران من أخيه الودودِ


وله في هذا المعنى:
أجدّ بآل فاطمة البكورُ * * * فدمع العين منهلُّ غزيرُ


ويقول فيها:
لقد سمعوا مقالته بخمٍّ * * * غداة يضمّهم وهو الغديرُ
فمن أولى بكم منكم فقالوا * * * مقالة واحد وهم الكثيرُ
جميعاً: أنت مولانا وأولى * * * بنا منّا وأنت لنا نذيرُ
فإنَّ وليّكم بعدي عليٌّ * * * ومولاكم هو الهادي الوزيرُ
وزيري في الحياة وعند موتي * * * ومن بعدي الخليفة والاميرُ
فوالى الله من والاه منكم * * * وقابله لدى الموت السرورُ
وعادى الله من عاداه منكم * * * وحلَّ به لدى الموت النشورُ


وله في المعنى نفسه:
ألا الْحمد للهِ حمداً كثيراً * * * وليِّ المحامد ربّاً غفورا
ويقول فيها:
لذلك ما اختاره ربّه * * * لخير الانام وصيّاً ظهيرا
فقام بخمّ بحيث «الغدير» * * * وحطَّ الرحال وعافَ المسيرا
وقمَّ له الدوح ثمَّ ارتقى * * * على منبر كان رحلاً وكورا
ونادى ضحىً باجتماع الحجيج * * * فجاءوا إليه صغيراً كبيرا
فقال وفي كفِّه حيدرٌ * * * يُليح إليه مُبيناً مُشيرا
ألا إنّ من أنا مولىً له * * * فمولاه هذا قضاً لن يجورا
فهل أنا بلّغت؟ قالوا: نعم * * * فقال: اشهدوا غُيَّباً أو حضورا
يبلّغ حاضركم غائباً * * * وأُشهد ربِّي السميع البصيرا
فقوموا بأمر مليك السما * * * يبايعْه كلٌّ عليه أميرا
فقال: إلهيَ وال الوليّ * * * وعاد العدوّ له والكفورا
وكن خاذلاً للاُلى يخذلون * * * وكن للاُلى ينصرون نصيرا
أُحبّك يا ثاني المصطفى * * * ومن أشهد الناس فيك الغديرا


وله أيضاً:
قف بالديار وحيِّهنَّ ديارا * * * واسقِ الرسوم المدمعَ المدرارا
قل للذي عادى وصيَّ محمَّد * * * وأبان لي عن لفظه إنكارا
مَن خاصفٌ نعل النبيِّ محمّد * * * يُرضي بذاك الواحد الغفّارا
فيقول فيه معلناً خير الورى * * * جهراً وما ناجى به إسرارا
هذا وصيّي فيكمُ وخليفتي * * * لا تجهلوه فترجعوا كفّارا
وله بيوم «الدَّوح» أعظم خطبة * * * أدّى بها وحي الاله جهارا


وله في منقبة الطائر المشوي قوله:
لَمّا أتى بالخبر الانبلِ * * * في طائر أهدي إلى المرسلِ
في خبر جاء أبانٌ به * * * عن أنس في الزمن الاوَّلِ


وله في الغدير أيضا قوله:
لامِّ عمرو باللِّوى مربعُ * * * طامسةٌ أعلامها بلقعُ


حتى يقول:
ثمَّ أتته بعد ذا عزمةٌ * * * من ربِّه ليس لها مدفعُ
بلّغ وإلاّ لم تكن مُبْلغاً * * * والله منهم عاصمٌ يمنعُ
فعندها قام النبيُّ الّذي * * * كان بما يؤمر به يصدعُ
يخطب مأموراً وفي كفِّه * * * كفُّ عليٍّ ظاهرٌ تلمعُ
رافعها أكرمْ بكفِّ الّذي * * * يرفع والكفُّ الّتي ترفعُ
يقول والاملاك من حوله * * * والله فيهم شاهدٌ يسمعُ
مَن كنت مولاه فهذا له * * * مولىً فلم يرضوا ولم يقنعوا
حتّى إذا واروه في لحده * * * وانصرفوا عن دفنه ضيَّعوا
ما قال بالامس وأوصى به * * * واشتروا الضرَّ بما ينفعُ


ومن غديريّاته:
هبَّ عليَّ بالملام والعذلْ * * * وقال: كم تذكر بالشعر الاوَلْ؟!
كفّ عن الشرِّ فقلت: لا تقل * * * ولا تخَلْ أكفُّ عن خير العملْ
إنّي أحبُّ حيدراً مُناصحاً * * * لمن قفا مُواثباً لمن نكلْ
أحبُّ مَن آمن بالله ولم * * * يشرك به طرفة عين في الازلْ
ومن غدا نفس الرسول المصطفى * * * صلّى عليه الله عند المبتهلْ
وثانيَ النبيِّ في يوم الكسا * * * إذ طهَّر الله به مَن اشتملْ
حتّى إذا صار بخمٍّ جاءه * * * جبريلُ بالتبليغ فيهم فنزلْ
وقُمَّ ذاك الدوح فاستوى على * * * رحل ونادى بعليٍّ فارتحلْ
وقال: هذا فيكُم خليفتي * * * ومَن عليه في الامور المتَّكلْ
نحن كهاتين وأوما باصبع * * * مِن كفِّه عن اصبع لم تنفصلْ
لا تبتغوا بالطهرِ عنهُ بدلاً * * * فليس فيكم لعليٍّ مِن بدلْ
ثمَّ أدار كفَّه لكفّه * * * يرفعها منه إلى أعلى محلْ
فقال: بايعوا له وسلّموا * * * الامر إليه واسلموا من الزَّللْ
ألست مولاكم؟ فذا مولىً لكم * * * والله شاهدٌ بذا عزَّ وجلّ
يا ربِّ وال مَن يوالي حيدراً * * * وعاد من عاداه واخذل منْ خذلْ


وله في ذات المورد قوله:
أعلماني أيَّ برهان جلي * * * فتقولان بتفضيل عليْ؟
بعد ما قام خطيباً معلناً * * * يوم «خمّ» باجتماع المحفلِ
أحمد الخير ونادى جاهراً * * * بمقال منه لم يفتعلِ
قال: إنَّ الله قد أخبرني * * * في معاريض الكتاب المنزلِ
إنَّه أكمل ديناً قيّماً * * * بعليٍّ بعد أن لم يكملِ
وهو مولاكم فويلٌ للّذي * * * يتولّى غير مولاه الولي
وهو سيفي ولساني ويدي * * * ونصيري أبداً لم يزلِ
وهو صنوي وصفيّي والّذي * * * حبّه في الحشر خيرُ العملِ
نوره نوري ونوري نوره * * * وهو بي متَّصلٌ لم يفصلِ
وهو فيكم من مقامي بدلٌ * * * ويلَ من بدَّل عهد البدلِ
قوله قولي فمن يأمره * * * فليُطعه فيه وليمتثلِ
إنَّما مولاكُمُ بعدي إذا * * * حان موتي ودنا مُرتحلي
إبن عمّي ووصيّي وأخي * * * ومجيبي في الرَّعيل الاوَّلِ
وهو بابٌ لعلومي فَسُقوا * * * ماءَ صبر بنقيع الحنظلِ


وله في نفس المورد قوله:
أشهد بالله وآلائِه * * * والمرء عمّا قاله يُسْألُ
أنَّ عليَّ بن أبي طالب * * * خليفة الله الذي يعدلُ
وإنَّه قد كان من أحمد * * * كمثل هارون ولا مُرسلُ
لكن وصيٌّ خازنٌ عنده * * * علمٌ من الله به يعملُ
قد قام يوم «الدوح» خير الورى * * * بوجهه للنَّاس يستقبلُ
وقال: مَن قد كنت مولىً له * * * فذا له مولىً لكم موئلُ


وله لاميّةٌ اخرى معروفة مطلعها:
اقسم بالله وآلائهِ * * * والمرءُ عمّا قال مسؤولُ


وله أيضاً:
قام النبيُّ يوم خمٍّ خاطباً * * * بجانب الدوحات أو حيالها
فقال: من كنت له مولىً فذا * * * مولاه، ربّي اشهد مراراً قالها
قالوا: سمعنا وأطعنا كلّنا * * * وأسرعوا بالالسن اشتغالها


وله أيضاً:
لمن طللٌ كالوشم لم يتكلّم * * * ونأيٌ وآثارٌ كترقيش معجمِ؟


حتى يقول:
عليٌّ وصيُّ المصطفى وابن عمِّه * * * وأوَّل مَن صلّى ووحَّدَ فاعلمِ
عليٌّ هو الهادي الامام الّذي به * * * أنار لنا من ديننا كلَّ مظلمِ
عليٌّ وليُّ الحوض والذائد الذي * * * يُذبِّب عن أرجائه كلَّ مجرمِ
عليٌّ قسيم النار من قوله لها: * * * ذري ذا وهذا فاشربي منه واطعمي
فإنّك تلقاه لدى الحوض قائماً * * * مع المصطفى الهادي النبيِّ المعظَّمِ
يُجيزان مَن والاهما في حياته * * * إلى الروح والظل الظليل المكمَّمِ
عليٌّ أمير المؤمنين وصيّه * * * وأشركه في كلِّ فيء ومغنمِ
وزوجته صدّيقةٌ لم يكن لها * * * مقارنةٌ غير البتولة مريمِ
وكان كهارون بن عمران عنده * * * من المصطفى موسى النجيب المكلّم
وأوجب يوماً بالغدير ولاءه * * * على كلِّ برٍّ من فصيح وأعجمِ
لدى دوح «خمّ» آخذاً بيمينه * * * يُنادي مبيناً باسمه لم يُجمجمِ


وله أيضاً قوله:
ألا إنّ الوصيَّة دون شكّ * * * لخير الخلق من سام وحامِ
وقال محمَّدٌ بغدير خمٍّ * * * عن الرَّحمن ينطق باعتزامِ
ألا من كنت مولاه فهذا * * * أخي مولاه فاستمعوا كلامي


وله أيضاً قوله:
نفسي فداء رسول الله يوم أتى * * * جبريل يأمر بالتبليغ إعلانا
إن لم تُبلّغ فما بلّغت فانتصب الـ * * * ـنبيُّ ممتثلاً أمراً لمن دانا
وقال للناس: مَن مولاكُمُ قبلاً * * * يوم الغدير؟ فقالوا: أنت مولانا
هذا وليّكُم بعدي أمرت به * * * حتماً فكونوا له حزباً وأعوانا
هذا له قربةٌ منّي ومنزلةٌ * * * كانت لهارون من موسى بن عمرانا


وأيضاً يقول في المقام نفسه:
أتى جبرئيلٌ والنبيّ بضحوة * * * فقال: أقم والناس في الوخد تمحنُ
وبلّغ وإلاّ لم تُبلّغ رسالة * * * فحطَّ وحطَّ الناس ثَمَّ ووطَّنوا
وقال: ألا من كنت مولاه منكُمُ * * * فمولاه من بعدي عليٌّ فأذعنوا


وأيضاً قوله:
به وصّى النبيُّ غداة «خُمّ» * * * جميع الناس لو حفظوا النَّبيا
وناداهم: ألستُ لكم بمولىً؟ * * * عباد الله فاستمعوا إليا
فقالوا: أنت مولانا وأولى * * * بنا منّا فضمَّ له عليا
وقال لهم بصوت جهوريّ * * * وأسمع صوته من كان حيا
فمن أنا كنت مولاهُ فإنّي * * * جعلت له أبا حسن وليا
فعادى الله من عاداه منكم * * * وكان بمن تولاّه حفيا
له شهد الكتابُ الا تخروا * * * على آياته صماً عميا
بتطهير أماط الرجس عنه * * * وسمي مؤمناً فيها زكيا
وقام محمَّدٌ بغدير خمّ * * * فنادى معلناً صوتاً نديا
ألا مَن كنت مولاه فهذا * * * له مولى وكان به حفيا
إلهي عاد من عادى عليّاً * * * وكن لوليِّه ربّي وليا(10)


وله في منقبة الخفّ قوله:
ألا يا قوم للعجب العجابِ * * * لخفِّ أبي الحسين ولِلحُبابِ
عدوٌّ من عُداة الجنِّ وغدٌ * * * بعيدُ في المرادة من صوابِ
أتى خفّاً له وانساب فيه * * * لينهش رجله منه بنابِ
لينهش خير من ركب المطايا * * * أمير المؤمنين أبا ترابِ
فخرَّ من السماء له عقابٌ * * * من العقبان أو شبه العقابِ
فطار به فحلّق ثمّ أهوى * * * به للارض من دون السحابِ
فصكَّ بخفِّه وانساب منه * * * وولّى هارباً حذر الحصابِ
ودوفع عن أبي حسن عليٍّ * * * نقيع سمامه بعد انسيابِ


وقال أبو سعيد محَّمد بن رشيد الهروي: إنَّ السيِّد إسودَّ وجهه عند الموت، فقال: هكذا يُفعل بأوليائكم يا أمير المؤمنين؟ قال: فابيضَّ وجهه كأنَّه القمر ليلة البدر فأنشأ يقول:
أُحبُّ الذي من مات من أهل ودِّه * * * تلقّاه بالبشرى لدى الموت يضحكُ
ومن مات يهوى غيره من عدوّه * * * فليس له إلاّ إلى النَّار مسلكُ
أبا حسن أفديك نفسي وأُسرتي * * * ومالي وما أصبحت في الارض أملكُ
أبا حسن إنّي بفضلك عارفٌ * * * وإنّي بحبل من هواك الممسّكُ
وأنت وصيّ المصطفى وابن عمِّه * * * فإنّا نُعادي مبغضيك ونتركُ
ولاح لحاني في عليٍّ وحزبه * * * فقلت: لحاك الله إنَّك أعفكُ
مواليك ناج مؤمنٌ بيِّن الهدى * * * وقاليك معروف الضَّلالة مشركُ


وقال الحسين بن عونة: دخلت على السيِّد الحميري عائداً في علّته التي مات فيها فوجدته يُساق به، ووجدت عنده جماعةً من جيرانه وكانوا عثمانيَّة، وكان السيِّد جميل الصورة رحيب الجبهة عريض ما بين السالفتين فبدت في وجهه نكتة سودآء مثل النقطة من المداد ثمَّ لم تزل تزيد وتنمو حتّى طبقت وجهه يعني اسوداداً ; فاغتمَّ لذلك مَن حضره من الشيعة وظهر من الناصبة سرورٌ وشماتةٌ. فلم يلبث بذلك إلاّ قليلاً حتّى بدت في ذلك المكان من وجهه لمعة بيضاء فلم تزل تزيد بياضاً وتنمو حتّى اسفر وجهه وأشرق، وافترّ ثغر السيِّد ضاحكاً وأنشأ يقول:
كذب الزاعمون: أنَّ عليّاً * * * لن يُنجّي محبَّه من هناتِ
قد وربّي دخلت جنَّة عدن * * * وعفى لي الاله عن سيّئاتي
فابشروا اليوم أولياء عليّ * * * وتولّوا عليَّ حتّى المماتِ
ثمَّ من بعده تولّوا بنيه * * * واحداً بعد واحد بالصِّفاتِ


ثمَّ أتبع قوله هذا: أشهد أن لا إله إلاّ الله حقّاً حقّاً، وأشهد أنَّ محمَّداً رسول الله حقّاً حقّاً، وأشهد انَّ عليّاً أمير المؤمنين حقّاً حقّاً. أشهد أن لا إله إلاّ الله. ثمَّ غمَّض عينيه لنفسه فكأنّما كانت روحه ذبالة طُفِئت أو حصاة سقطت.

وله في ذكر حديث العشيرة قوله:
بأبي أنت وأمّي * * * يا أمير المؤمنينا
وفدتك النفس منّي * * * يا إمام المتَّقينا
وأمين الله والوا * * * رث علم الاوَّلينا
ووصيَّ المصطفى أحـ * * * ـمد خير المرسلينا
ووليَّ الحوض والذا * * * ئد عنه المحدثينا
أنت أولى الناس بالنا * * * س وخير الناس دينا
كنت في الدنيا أخاه * * * يوم يدعو الاقربينا
بين عمّ وابن عمّ * * * حوله كانوا عرينا
فورثت العلم منه * * * والكتاب المستبينا
طبت كهلاً وغلاماً * * * ورضيعاً وجنينا
ولدى الميثاق طيبا * * * يوم كان الخلق طينا
كنت مأموناً وجيهاً * * * عند ذي العرش مكينا
في حجاب النور حيّاً * * * طيِّباً للطاهرينا(11)


وله، ويذكر فيها بعض فضائله قوله:
من فضله أنَّه قد كان أوَّل من * * * صلّى وآمن بالرَّحمن إذ كفروا
سنين سبعاً وأيّاماً محرَّمة * * * مع النبيِّ على خوف وماشعروا
ويوم قال له جبريل: قد علموا * * * أنذر عشيرتك الادنين إن بصروا
فقام يدعوهُم من دون أُمَّته * * * فما تخلّف عنه منهمُ بشرُ
فقال: يا قوم إنَّ الله أرسلني * * * إليكمُ فأجيبوا الله وادّكروا
فأيُكم يجتبي قولي ويُؤمن بي * * * إنّي نبيُّ رسولٌ فانبرى غدِرُ
فقال: تبّاً أتدعونا لتلفتنا * * * عن ديننا؟ ثمَّ قام القوم فاشتمروا
مَن الذي قال منهم وهو أحدثهم * * * سناً وخيرهم في الذكر إذ سطروا
آمنت بالله قد أعطيت نافلة * * * لم يُعطها أحدٌ جنٌّ ولا بشرُ
وإنَّ ما قلتَه حقٌّ؟! وإنَّهُم * * * إن لم يجيبوا فقد خانوا وقد خسروا
ففاز قدماً بها والله أكرمه * * * وكان سبّاق غايات إذا ابتدروا


وقوله من قصيدة لم توجد بتمامها:
عليٌّ عليه رُدَّت الشمس مرَّة * * * بطيبة يوم الوحي بعد مغيبِ
ورُدَّت له الاخرى ببابل بعدما * * * عفت وتدلَّت عينها لغروبِ
وقيل له: أنذر عشيرتك الاُلى * * * وهم من شباب أربعين وشيبِ
وقد جئتكم من عند ربّ مهيمن * * * جزيل العطايا للجزيل وهوبِ
ففاز بها منهم عليٌّ وسادهم * * * وما ذاك من عاداته بغريبِ


وله أيضاً عن حديث العشيرة منها:
وأحجمت كلّها عن فيض رحمته * * * معْ يُمنِ دعوته فالكلُّ آبيها
إلاّ العليّ فنادى دونها: فأنا * * * نعماك يا هادي الاكوان باغيها
نادى أن اجلس ثلاثاً وهويعرض دعـ * * * ـواهُ على القوم يبغي مُستجيبيها
حتى إذا بات مأيوساً ومنزعجاً * * * من الهواشم مُعياً عن ترضِّيها
عنها تولّى إلى حيث العليِّ منوِّ * * * هاً به بين ذاك الجمع تنويها
وكان ماسكه من طوق رقبته * * * يقول: هذا لها والله يحميها
وقال: هذا أخي ذا وارثي وخليـ * * * ـفتي على أمَّتي يحمي مراعيها
وقال: فرضٌ عليكم حسن طاعته * * * بعدي وإمرته ويلٌ لعاصيها
كذاك حيدرةٌ ماشى النبوّة مذ * * * نادى بها المصطفى لبّى مُناديها
وشارك المصطفى من يوم أن وضع الا * * * ساس حتّى انتهت عليا مبانيها


وله ايضاً قوله:
بحقِّ محمّد قولوا بحق * * * فإنَّ الافك من شيّم اللئامِ
أبعد محمّد بأبي وأُمي * * * رسول الله ذي الشرف الهمام
أليس عليُّ أفضل خلق ربي * * * وأشرف عند تحصيل الانام
ولايته هي الايمان حقّاً * * * فذرني من أباطيل الكلام
وطاعة ربِّنا فيها وفيها * * * شفاء للقلوب من السقام
عليُّ إمامنا بأبي وأمي * * * أبو الحسن المطهر من حرام
إمام هدى أتاه الله علماً * * * به عرف الحلال من الحرام
ولو أني قتلت النفس حبّاً * * * له ما كان فيها من أثام
يحل النار قومٌ أبغضوه * * * وإنْ صاموا وصلوا ألف عام
ولا والله ما تركوا صلاة * * * بغير ولاية العدل الامام
أمير المؤمنين بك اعتمادي * * * وبالغرر الميامين اعتصامي
برئت من الذي عادى عليّاً * * * وحاربه من اولاد الحرام(12)


وله أيضاً:
وخص رجالاً من قريش بأن بَنى * * * لهم حجراً فيه وكان مسدّدا
فقيل له اسدد كل باب فتحته * * * سوى باب ذي التقوى عليّ فسددا
لهم كل باب اشرعوا دون بابه * * * وقد كان منفوساً عليه محسّدا


وله أيضاً:
وأسكنه في مسجد الطهر وحده * * * وزوجته والله من شاء يرفعُ
فجاوره فيه الوصي و غيره * * * وأبوابهم في مسجد الطهر شرَّع
فقال لهم سدّوا عن الله صادقاً * * * فضنّوا بها عن سدّه وتمنّعوا


وله ايضاً:
وخبر المسجد إذ خصّه * * * مجلّلاً من عرصة الدارِ
إن جنُباً كان وإن طاهراً * * * في كل اعلان واسرارِ
وأخرج الباقين منه معاً * * * بالوحي من انزال جبار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[10]) اللؤلؤة البيضاء ص31 .

([11]) اللؤلؤة البيضاء .


([12]) اللؤلؤة البيضاء ص42
الفصل الثالث


ابومهندالسلامي النجفي
ابومهندالسلامي النجفي
انت رائع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه  Empty رد: علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه

مُساهمة من طرف ابومهندالسلامي النجفي السبت يوليو 02, 2011 4:39 pm






الفصل الثالث
في شعراء القرن الثالث
الامام الشافعي




(150 هـ - 204 هـ)



محمد بن ادريس بن العباس المنتهي نسبه الى هاشم بن عبدالمطلب بن عبد مناف، أحد ائمة المذاهب وفقيه كبير وعالم شهير، ولد عام 150 هـ/ 767 م، ونشأ يتيماً في رعايه أمّه وقدم مكّة المكرّمة لعشر سنين من عمره فحفظ القرآن الكريم وتعلّم الكتابة وحرص على استماع الحديث واتّجه للفقه فحضر على بعض علمائه، ثم توجّه الى المدينة المنوّرة وحضر على بعض علمائها، ثم الى بغداد، ثم مصر وهو في كل ذلك يدرس ويدرّس حتى اشتهر وأصبحت له مكانة مرموقة ومنزلة علميّة وهو أقرب ائمة المذاهب الى التشيّع وابعدهم عن خلافه، كما عرف عنه ولاؤه لاهل البيت ومدحه لهم وبيانه لفضلهم، وربّما أحدث بعض تلامذته ما ليس له من البعد عنهم والانصراف الى غيرهم، والشافعي فاضلٌ في العلوم كما هو شاعرٌ أديب نُسِب له ديوان مطبوع، مع تآليف كثيرة، توفي عام 204 هـ/ 819 م.

وهو القائل:وكذلك:



قالوا ترفضتَ قلت كلا * * * ما الرفض ديني ولا اعتقادي
لكن توليتُ دون شكٍّ * * * خير إمام وخير هادي
إن كان حبُّ الوصي رفضاً * * * فانّني أرفض العباد



وقال:


يا راكباً قف بالمحصّب من منى * * * واهتف بساكن خيفها والناهضِ
سحراً اذا فاض الحجيج الى منى * * * فيضاً كملتطم الفرات الفائض
إن كان رفضاً حبُّ آل محمّد * * * فليشهد الثقلان اني رافضي




وقال أيضاً:كما قال:



اذا في مجلس ذكروا علياً * * * وسبطيه وفاطمة الزكيه
فاجرى بعضهم ذكرى سواهم * * * فأيقن انه لسلقلقيه
اذا ذكروا علياً أو بنيه * * * تشاغل بالروايات الدنيّه
وقال تجاوزوا يا قوم عنه * * * فهذا من حديث الرافضيه
برِئتُ الى المهيمن من اناس * * * يرون الرفض حبَّ الفاطميه
على آل الرسول صلاة ربّي * * * ولعنته لتلك الجاهليه



أبو تمّام الطائي




(172 هـ - 231 هـ)



حبيب بن أوس بن الحارث بن القيس بن الاشجع القحطاني. أحد أشهر شعراء العربيّة، وقد اختلفت الروايات في إثبات سنيّ ولادته ووفاته على حد سواء. فمن قائل إنه ولد في عام 172 هـ، وقائل إنه في 188 هـ وثالث إنه في العام 190 هـ. أما وفاته فترددت بين الاعوام: 228 هـ، 231 هـ، 232 هـ/ 842 م، 845 م، 846 م.

ذكره الجاحظ فقال: أحد رؤساء الامامية. وكان الاوحد من شيوخ الشيعة في الادب آنذاك فضلاً عن معرفته المحكمة باللغة وأنه منتجع الفضيلة والكمال ، هذا الى جانب كونه أحد مجدّدي القصيدة العربيّة في أسلوبها ومعانيها، بل يُعدَّ شعره مرحلة فاصلة في ذلك.

كان ولوعاً بحب آل محمد صلوات الله عليهم مغامراً في إظهار ولائه لهم (عليهم السلام).

وفي ذكائه وحفظه سارت الركائب تنقل الاعاجيب عنه، فقد روي أنه كان يحفظ أربعة آلاف ديوان من الشعر إضافة إلى ألف أرجوزة للعرب فضلاً عن المقاطيع والقصائد، بل لقد ذهب صاحب (معاهد التنصيص) إلى أنه كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة للعرب. وقد أخمل في زمانه خمسمائة شاعر كلهم مجيد. ونقل عن البحتري من ضمن ما قال عنه (... وأرضي تنخفض عند سمائه).

شامي الاصل ولد في قرية جاسم من أعمال (دمشق). وقد نزّهه ابن طاووس والعلامة، وابن داود، وابن نما، والمحقق الاردبيلي، وصاحب المعالم ، والقاضي المرعشي.

دفن في الموصل وبنى عليه أبو نهشل بن حميد الطوسي قبة خارج باب الميدان على حافة الخندق.

له يمدح الامام علياً (عليه السلام):حتى يقول:



ومن قبله أخلفتُم لوصيِّه * * * بداهية دهياءَ ليس لها قَدرُ
فجئتم بها بكراً عَواناً ولم يكن * * * لها قبلها مثلٌ عَوانٌ ولا بِكرُ
أخوه إذا عُدّ الفخار وصهره * * * فلا مثله أخٌّ ولا مثله صهرُ
وشُدَّ به أزر النبيِّ محمَّد * * * كما شُدَّ من موسى بهارونه الازرُ
وما زال كشّافاً دياجير غمرة * * * يمزِّقها عن وجهه الفتح والنصرُ
هو السيف سيف الله في كلِّ مشهد * * * وسيف الرسول لا درانٌ ولا دثرُ
بأحد وبدر حين ماجَ برجله * * * وفرسانه أحدٌ وماج بهم بدرُ
ويوم حُنين والنضير وخيبر * * * وبالخندق الثاوي بعقوته عمرو
سما للمنايا الحمر حتّى تكشَّفت * * * وأسيافه حمرٌ وأرماحه حمرُ
و «يوم الغدير» استوضح الحقّ أهله * * * بضحياء لا فيها حجابٌ ولا سترُ
أقام رسول الله يدعوهُم بها * * * ليقربهُم عرفٌ وينآهم نكرُ
يمدّ بضبعيه ويُعلم أنّه * * * وليٌّ ومولاكم فهل لكُم خبرُ؟!




دعبل الخزاعي




(148 هـ - 246 هـ)



أبو علي دعبل بن علي بن رزين الخزاعي، ولد في عام 148 هـ/ 765 م. شاعرٌ شهيرٌ معروف. بيته بيت علم وفضل وأدب ، وقد روي: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)قد دعا لجدّه الاعلى بديل بن ورقاء إذ قال فيه: «زادك الله جمالاً وسؤدداً وأمتعك وولدك». كما ورد في أمالي الشيخ وكتاب الاصابة.

أبوه يُعدّ من شعراء عصره كما ترجم له المرزبانيّ في معجمه، وكذا جده رزين، وعمه عبد الله بن رزين، وابن عمه محمد بن عبد الله بن رزين، وأخوه عليّ بن عليّ الذي رافق شاعرنا إلى فيض النبوّة، الامام الرضا (عليه السلام) ليتبرّكا بمشاهدته ويتشرفا بالمثول بين يديه، حيث خَلَعَ أبو الحسن (عليه السلام) على المترجم قميصاً من قمصه وخاتما من خواتمه بفص عقيق ودراهم رضويّة.

وعن ابن أخيه إسماعيل: إن اسمه عبد الرحمن، وانما لقبته دايته بهذا اللقب (دعبل) لدعابة كانت فيه. أما أصله فالكوفة، وقيل من قرقيسيا غير أن اكثر إقامته في بغداد التي فرّ إليها خوفاً من المعتصم. دخل مصر بعدها في ولاية المطلب بن عبد الله الذي ولاه أسوان، وما إن بلغه هجاؤه فيه حتى عزله وهرب إلى بني تغلب في المغرب.

كان كثير الاسفار، يخرج فيغيب سنين يدور الدنيا، وقد سافر إلى الري والحجاز وخراسان فضلاً عما مرّ، والى دمشق والبصرة وقم.

وامتاز في حياته بخصال أربع: تهالكه في حب أهل بيت الرحمة (عليهم السلام)، ونبوغه في الشعر والادب والتأريخ وما كتب في ذلك، وروايته للحديث وقد روي عنه ، وعلاقته بالخلفاء والخلافة مداً وجزراً، مع ما في ذلك من تندّره بالنكتة والطرفة.

اغتيل في الاهواز بأمر مالك بن طوق في قرية من نواحي السوس بعد صلاة العشاء وكان يومها ابن ثمان وتسعين (رحمه الله).

وله في التمسك بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) بابن عمه (عليه السلام) قوله:



تَجاوبْنَ بالارنان والزفراتِ * * * نوائحُ عجم اللفظ والنطقاتِ
يخبِّرن بالانفاس عن سرِّ أنفس * * * أسارى هوىً ماض وآخر آتِ





حتى يقول:



رزايا أرتنا خضرة الافق حمرةً * * * وردّت أجاجاً طعم كلِّ فراتِ
وما سهلت تلك المذاهب فيهمُ * * * على الناس إلاّ بيعة الفلتاتِ
وما قيل أصحاب السقيفة جهرةً * * * بدعوى ترات في الضلال نتاتِ
ولو قلَّدوا المُوصى إليه أُمورها * * * لزمَّت بمأمون عن العثراتِ
أخي خاتمِ الرسل المصفّى من القذى * * * ومفترس الابطال في الغمراتِ
فإن جحدوا كان «الغدير» شهيده * * * وبدرٌ وأُحدٌ شامخ الهضباتِ
وآيٌ من القرآن تُتلى بفضله * * * وإيثاره بالقوت في اللّزباتِ
وغرُّ خلال أدركته بسبقها * * * مناقب كانت فيه مؤتنفاتِ





ويذكر نزول قوله تعالى: (إنَّما وليّكم الله ورسوله والَّذين آمنوا الَّذين يُقيمون الصَّلاة ويُؤتون الزكاة وهم راكعون) فيه بقوله:



نطق القران بفضل آل محمَّد * * * وولاية لعليِّه لم تُجحدِ
بولاية المختار من خير الّذي * * * بعد النبيِّ الصادق المتودّد
إذ جاءه المسكين حال صلاته * * * فامتدَّ طوعاً بالذراع وباليدِ
فتناول المسكين منه خاتماً * * * هبة الكريم الاجود بن الاجودِ
فاختصَّه الرَّحمن في تنزيله * * * مَن حاز مثل فخاره فليعددِ
إنَّ الاله وليّكم ورسوله * * * والمؤمنين فمن يشأ فليجحدِ
يكن الاله خصيمه فيها غداً * * * والله ليس بمخلف في الموعدِ





وله يمدح أمير المؤمنين صلوات الله عليه:



سقياً لبيعة أحمد ووصيِّه * * * أعني الامامَ وليَّنا المحسودا
أعني الذي نصر النبيَّ محمَّداً * * * قبل البريَّة ناشئاً ووليدا
أعني الذي كشف الكروب ولم يكن * * * في الحرب عند لقائه رعديدا
أعني الموحِّد قبل كل موحِّد * * * لا عابداً وثناً ولا جلمودا



أبو إسماعيل العلوي




(190 هـ - 260 هـ)



أبو إسماعيل محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، يتصل نسبه بأمير المؤمنين (عليه السلام)، فاضلٌ شاعر عاش في أيّام المتوكل وبعده دهراً، ذكر ذلك المرزباني في معجمه، وقال: كان يكثر من افتخاره بأجداده من بني هاشم.

جده أبو الفضل العباس الثاني كان من أشعر ولد أبي طالب، وكان فصيحاً بليغاً.

ومما يروى عنه: أنه جاء إلى باب المأمون فنظر له الحاجب، ثم اطرق، فقال له: لو أذن لنا لدخلنا، ولو اعتذر إلينا لقبلنا، ولو صرفنا لانصرفنا، فأما اللفتة بعد النظرة لا أعرفها، ثم أنشد:



وما عن رضىً كان الحمار مطيتي * * * ولكن من يمشي سيرضى بما ركبْ





وكان المترجم له راجح العقل تجري الحكمة على لسانه. مجرى الامثال، منها قوله في رجل من أهله: إنّي لاكره أن يكون لعلمه فضل على عقله، كما أكره أن يكون للسانه فضل على علمه.

قال يفخر بأجداده:وقال:



وألحقه يوم البهال بنفسه * * * بأمر أتى من رافع السمَواتِ
فمن نفسه منكم كنفس محمّد * * * بني الافك والبهتان والفجراتِ(13)



إبن الرومي
أبو الحسن علي بن عباس بن جرجيس المشتهر بابن الرومي، شاعرٌ شهيرٌ معروفٌ بالوصف والكثرة، وكان مولىً لعبيد الله بن عيسى. ولد في الجانب الغربي بالعقيقة - موضع ببغداد - عام 221 هـ/ 835 م.

معروف في مودّته لاهل البيت (عليهم السلام) حتى عدّه جماعة من شعراء الامام الحسن العسكري (عليه السلام)، ولا غرو فقد كان مفخرة من مفاخر الشيعة وعبقرياً من عباقرة الامة كما عبّر عن ذلك الشيخ الاميني في غديره.

أخذ عن أبي العباس ثعلب، وعن أبي رجاء قتيبة بن سعيد الثقفي المحدّث المشهور.

وكان يقيم أكثر أيامه في بغداد لا يفارقها قليلا حتى يعيده الشوق والحنين إليها، وكان فيها صاحب دارين وثراء وتحف منها كأس زعم أنه كان للرشيد.

عاش في فترة نشطت فيها حركة النحـل والمذاهب والترجمة، لقـد صـرّح العـلامة الاميني بأنه مفخرة من مفاخر الشيعة فكيف يكون معتزلياً أو قدرياً؟

توفي عام 283 هـ/ 896 م. والاقوال مجمعة على كونه قد مات بالسم، وأن من دس له ذلك هو القاسم بن عبيد الله أو أبوه، وزير المعتضد، دسّ عليه ابن فراش فأطعمه طعاماً مسموماً وهو في مجلسه.

قال في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام):



ياهند لم أعشق ومثلي لا يرى * * * عشق النساء ديانةً وتحرُّجا
لكنّ حبّي للوصيِّ مخيَّمٌ * * * في الصدر يسرح في الفؤاد تولّجا
فهو السِّراج المستنير ومَن به * * * سبب النجاة من العذاب لمن نجا
وإذا تركت له المحبَّة لم أجد * * * يوم القيامة من ذنوبي مخرجا
قل لي: أأترك مستقيمَ طريقهِ * * * جهلاً وأتَّبع الطريق الاعوجا
وأراه كالتبر المصفّى جوهراً * * * وأرى سواه لناقديه مبهرجا
ومحلّه من كلِّ فضل بيِّن * * * عال محلّ الشمس أو بدر الدجا
قال النبيُّ له مقالاً لم يكن * * * يوم «الغدير» لسامعيه مُمَجْمَجا
من كنت مولاهُ فذا مولىً له * * * مثلي وأصبح بالفخار متوَّجا
وكذاك إذ منع البتولَ جماعةٌ * * * خطبوا وأكرمه بها إذ زوَّجا
وله عجائب يوم سار بجيشه * * * يبغي لقصر النهروان المخرجا
رُدَّت عليه الشمس بعد غروبها * * * بيضاء تلمع رقدةً وتأجُّجا







ابومهندالسلامي النجفي
ابومهندالسلامي النجفي
انت رائع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه  Empty رد: علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه

مُساهمة من طرف ابومهندالسلامي النجفي السبت يوليو 02, 2011 10:29 pm



<H1 dir=rtl>الفصل الرابع



في شعراء القرن الرابع




الحِمّاني الافوه

(... - 301 هـ)




أبو الحسين علي بن محمد بن جعفر بن محمد بن محمد بن زيد بن زين العابدين (عليه السلام)، الكوفي الحِمّاني المشتهر بالافوه شاعرٌ فحل، وحِمّان (بالكسر ثم التضعيف) بلدة في الكوفة أسميت باسم عبد العزيز الملقب بحمّان، وهو من بني تميم.

يعدّ من الرعيل الاوّل من فقهاء الشيعة ومدرّسيهم في الكوفة، وهو بشهادة الامام الهادي (عليه السلام) أشعر الناس لما سأله المتوكل عن ذلك.

دخل السجن مرتين بأمر الحاكم العبّاسي الموفّق بالله، فكتب إليه من محبسه:
قد كان جدُّك عبدُالله خيرَ أب * * * لابني عليّ حسينِ الخير والحسنِ
فالكفّ يوهن منها كل أنملة * * * ما كان من أختها الاخرى من الوهنِ


فكفله وخلّى سبيله.

وكان قد نظم في بعض مناقب عليّ (عليه السلام)، وما نزل فيه من القرآن كان يشير إليه في بعض أبياته كآية الحسد (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله). التي ذكر ابن المغازلي في مناقبه وابن أبي الحديد في شرح النهج أنها كانت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) وسيأتي ذكر ذلك في شعره.

توفي عام 301 هـ/ 913 م وخلف ذرية كراماً في الفضل والنسب ولبعضهم ينتهي نسب الاسرة القزوينية التي تقطن العراق.

قال في واقعة خم وفيها يذكر منقبة رد الشمس:
إبن الّذي رُدَّت عليه الشمـ * * * ـس في يوم الحجابِ
وابن القسيم النار في * * * يوم المواقف والحسابِ
مولاهُم يوم «الغدير» * * * برغم مرتاب وآبي


وله:
قالوا: أبو بكر له فضله * * * قلنا لهم: هنّأه الله
نسيتمُ خطبة «خمّ» وهل * * * يُشبَّه العبد بمولاه
إنَّ «عليّاً» كان مولىً لمن * * * كان «رسول الله» مولاه


ومن نماذج شعره قوله:
بين الوصيِّ وبين المصطفى نسبٌ * * * تختال فيه المعالي والمحاميدُ
تفرَّقا عند عبد الله واقترنا * * * بعد النبوّة توفيقٌ وتسديدُ
وذرَّ ذو العرش ذرّاً طاب بينهما * * * فأنبثَّ نورٌ له في الارض تخليدُ
نورٌ تفرَّع عند البعث فانشعبت * * * منه شعوبٌ لها في الدين تمهيدُ
هم فتيةٌ كسيوف الهند طال بهم * * * على المطاول آباءٌ مناجيدُ
محسَّدون ومن يعقد بحبِّهمُ * * * حبل المودَّة يضحي وهو محسودُ


ولعلَّ قوله: محسَّدون إشارة إلى قوله تعالى: (أم يَحسدون الناس على ما آتاهم الله مِن فضله) وقد ورد فيها، أنَّهم الائمَّة من آل محمّد. قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 2 ص236: إنَّها نزلت في عليّ (عليه السلام) وما خصَّ به من العلم. وأخرج ابن حجر في «الصواعق» ص91 عن الباقر (عليه السلام) انَّه قال في هذه الاية: نحن الناس والله.

وله في أمير المؤمنين (عليه السلام) مقتبساً من الاحاديث الصحيحة قوله:
وأنزله منه على رغمة العدى * * * كهارون من موسى على قِدم الدهرِ
فمن كان في أصحاب موسى وقومه * * * كهارون لازلتم على ظلل الكفرِ
وآخاهمُ مثلاً لمثل فأصبحت * * * أخوّته كالشمس ضُمَّتْ إلى البدرِ
فآخا عليّاً دونكم وأَصارَهُ * * * لكم علماً بين الهداية والكفرِ
وأنزله منه النبيُّ كنفسه * * * رواية أبرار تأدَّت إلى البشرِ
فمَن نفسُه منكم كنفس محمّد * * * ألا بأبي نفسُ المطهَّر والطهرِ



ابو بكر محمد بن الحسن بن دريد

(223 هـ - 321 هـ)




محمد بن الحسن بن دريد الازدي البصري، عالم فاضل شهير وحافظ لغوي وشاعر نحوي، ولد عام 223 هـ/ 838 م، ودرس على الرياشي وأبي حاتم السجستاني، وكان واسع الرواية لم يُرَ أحفظ منه وقد شهد له بالبراعة في العلوم جماعة من الفضلاء والمؤرّخين، وله مصنّفاتٌ منها كتاب الجمهرة المشهور وقصيدته المقصورة الذائعة الصيت وغيرها كثير، وقد استوزر لبني ميكال أمراء فارس الشيعة ثم اتّصل بعد خلعهم بالوزير الشيعي علي بن الفرات إثر قدومه الى بغداد سنة 308 هـ فقرّبه الى المقتدر فأجزل له العطاء، توفّي ببغداد عام321 هـ/ 933 م على ولائه المعروف لاهل بيت النبوّة (عليهم السلام).

وله من قصيدة قوله:
سدكتْ به عَنَتاً تُفنّدُه * * * وتظل بالاقتار توعدُه


حتى قال:
يا صاح ما ابصرت من عجب * * * بالحق زاغت عنه عُنّدُه
أألى الضلال تحيد عن نهج * * * يهدى الى الجنّات مرشده
إن البرية خيرها نسباً * * * إن عدّ أكرمه وأمجده
نسبُ محمّده معظمّه * * * وكفاك تعظيماً مُحمّدُه
نسب إذا كبت الزنادُ فما * * * تكبو إذا ما نضّ أزنده
واخو النبي فرَيد محتدِه * * * لم يُكبه في القدح مَصعده
أو ليس خامس من تضمّنه * * * عن أمر روح القدس بُرجده
إذ قال أحمدها ولاؤهم * * * أهلي وأهل المرء ودّده
يا رب فاضممهم الى كنف * * * لا يستطيع الكيد كيّده
متلففاً ليردّ كيدهم * * * ومهاد خَير الناس مَمهَده
فوقى النبي ببذل مهجته * * * وبأعين الكفار منجده
وهو الذي اتبع الهدى يفعاً * * * لم يستمله عن التُقى دده
كَهلُ التأله وهو مقتبلُ * * * في الشرخ غضّ الغصن أغيده
والشرك يُعبد عُزّياه به * * * جهلاً دعائمه وجلمده
ومنازل الاقران قد علموا * * * والنقع مُطّرق تلبّده
خواض غمرة كل معترك * * * سيَّان أليسه ورعدده
فسقى الوليد بكأس منصله * * * كأساً توهله وتصخده
فهوى يمجُّ نجيع حشرته * * * والموت يلفته ويَقصده
وسما بأحد والقنا قصدٌ * * * كالليث أمكنه قصيده
فأباد أصحاب اللواء فلم * * * يترك له كفّاً تُسنّده
ثم ابن عبد يوم أورده * * * شرباً يذوق الموت وُرّده
جزع المداد فذاده بطلٌ * * * لله مرضاه ومعتده
وحصون خيبر إذ أطاف بها * * * لم يثنه عن ذاك صُدَّده
وبخمّ قد عقد الولاء له * * * عقداً يُقلقَل منه حُسّده
ما نال في يوم مدى شرف * * * إلا أبرّ فزاده غده
مَن ذا يساجَلُ أو يُناجب في * * * نسب رسولُ الله محتده
أبناء فاطمة الذين اذا * * * مجد اشار به مُعدّده
فذراهم مرعى هوامِلِه * * * ولديه منشأه ومولده
والمجد يعلم أن أيديهم * * * عنها اذا قادته مقوده
لولاهم كان الورى همجاً * * * كالبهم فرَّقه مشرّده
لولاهم حار السبيل بنا * * * عما نحاوله ونقصده
لولاهم استولى الضلال على * * * منهاجنا واشتد موصده
هم حجة الله التي كُندت * * * والله ينعم ثم تكنده
هم ظل دين الله مدّده * * * أمناً على الدنيا ممدده
وهم قوام لا يزيغ اذا * * * ما مال ركن الدين يعمده



إبن طباطبا العلوي

(... - 322 هـ)




أبو الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم طباطبا، يتصل نسبه بالامام الحسن السبط (عليه السلام). وقد اشتهر بلقب ابن طباطبا العلوي.

عالم ضليع، وشاعر ناقد، وشيخ من شيوخ الادب، ذكر له المرزباني أحد عشر كتاباً منها: كتاب سنام المعالي، وعيار الشعر، ونقد الشعر، وتهذيب الطبع، وفرائد الدر، والمدخل في معرفة المعمّى من الشعر.

ومن تمكنه من اللغة نظمه قصيدة في 39 بيتا ليس فيها حرف راء، قالها يمدح بها محمد بن أحمد بن يحيى. ومما يروى عن حفظه للشعر أنه حفظ مائة وسبعةً وثمانين بيتاً من الشعر من ديوان ابن المعتز أثناء تصفحه له بعد أن لم يتمكن من استعارته.

ولد في أصبهان، وتوفي فيها عام 322 هـ/ 933 م.

له في تأكيد وقوع بيعة الغدير:
يامَن يُسرُّ ليَ العداوة أبْدِها * * * واعمد لمكروهي بجهدك أو ذرِ
للهِ عندي عادةٌ مشكورةٌ * * * فيمن يعاديني فلا تتحيَّر
أنا واثقٌ بدعاء جدّي المصطفى * * * لابي غداة «غدير خمٍّ» فاحذرِ
والله أسعدنا بإرث دعائه * * * فيمن يُعادي أو يُوالي فاصبرِ



إبن علوية الاصبهاني

(212 هـ - 322 هـ)




أبو جعفر أحمد بن علوية الاصبهاني الكرماني، الشهير بأبي الاسود، فاضلٌ شاعر، أحد مؤلّفي الامامية، وقد ذكرته أغلب المعاجم، وأخباره مبثوثة في الفقيه، والتهذيب، والكامل، وأمالي الصدوق، ومجالس المفيد.

وكان من أئمة الحديث، وممن روى عنه: مشايخ علمائنا رضوان الله عليهم ومنهم: أبو جعفر بن الوليد القمي المعلوم حاله في الثقة، والشيخ الوجه لهذه الطائفة سعد بن عبد الله الاشعري، وعبدالله المؤدب أحد مشايخ الصدوق ، وغيرهم.

له كتب منها: الاعتقاد في الادعية، دعاء الاعتقاد. إضافة إلى براعته في العربية ; ولذا ترجمه السيوطي في «بغية الوعاة»، وعده الثعالبي من شعراء أصبهان.

توفي عام 322 هـ/ 933 م عن عمر يزيد على المائة عام.

له في مدح الامام علي (عليه السلام) قوله:
ما بالُ عينك ثرَّة الاجفانِ * * * عبرى اللحاظ سقيمة الانسانِ


حتى يقول:
صلّى الاله على ابن عمِّ محمَّد * * * منه صلاة تغمّد بحنانِ
وله إذا ذُكر «الغدير» فضيلةٌ * * * لم ننسها ما دامت الملوانِ
قام النبيُّ له بشرح ولاية * * * نزل الكتاب بها من الديّانِ
إذ قال: بلّغ ما أُمرتَ به وثِقْ * * * منهم بعصمة كالئ حنّانِ
فدعا الصَّلاة جماعة وأقامه * * * علماً بفضل مقالة غرّان
نادى: ألستُ وليّكم؟ قالوا: بلى * * * حقّاً فقال: فذا الوليُّ الثاني
ودعا له ولمن أجاب بنصره * * * ودعا الاله على ذوي الخذلانِ
نادى ولم يك كاذباً: بخٍّ أبا * * * حسن ربيع الشيب والشبّانِ
أصبحت مولى المؤمنين جماعة * * * مولى إناثِهمُ مع الذُّكرانِ
لمن الخلافة والوزارة هل هما * * * إلاّ له وعليه يتَّفقانِ
أو ما هما فيما تلاه إلـهُنا * * * في محكم الايات مكتوبانِ



المفجّع البصري

(... - 327 هـ)




أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله الكاتب النحوي البصري، الملقب بالمفجّع، شاعرٌ فاضلٌ علاّمة.

ولد في البصرة، وكان من المعدودين من رجالات العلم والحديث حسن العقيدة، وسليم المذهب، وكان كل جنوحه إلى أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، فأكثر من شعره فيهم والتفجع عليهم لما انتابهم من رزايا. أخذ عن ثعلب وعن غيره في علوم اللغة.

له مؤلفات عدة منها: المنقذ من الايمان، الترجمان في معاني الشعر، كتاب الاعراب، عرائس المجالس، سعادة العرب، وغيرها إضافة إلى ديوان شعره وقصيدته في أهل البيت التي جعلها كتاباً مستقلا. توفي في البصرة عام 327 هـ/ 938 م.

وله في مدح علي (عليه السلام) وذمّ شانئه:
أيّها اللاّئمي لحبّي عليّاً * * * قُم ذميماً إلى الجحيم خزيَّا
أبخير الانام عرَّضت لازلـ * * * ـتَ مَذوداً عن الهدى مزويّا
أشبه الانبياء كهلاً وزولاً * * * وفطيماً وراضعاً وغذيّا
وعليٌّ لَمّا دعاه أخوه * * * سبق الحاضرين والبدويّا
ولقد عاون الوصيُّ حبيب الّـ * * * ـله إذ يغسلان منها الصفيّا
رام حمل النبيِّ كي يقلع الاصـ * * * ـنام عن سطحها المثول الجثيّا
فحناه ثقل النبوَّة حتّى * * * كاد ينآد تحته مثنيا
فارتقى منكب النبيِّ عليُّ * * * صنوه ما أجلّ ذاك رُقيّا
فأماط الاوثان عن ظاهر الكعـ * * * ـبة ينفي الارجاس عنها نفيّا
ولو انَّ الوصيَّ حاول مسَّ النـ * * * ـجم بالكفِّ لم يجده قصيّا
أفهل تعرفون غير عليٍّ * * * وابنه استرحل النبي مطيّا
لم يكن أمره بدوحات «خمّ» * * * مشكلاً عن سبيله ملويّا
إنّ عهد النبيِّ في ثِقَليهِ * * * حجَّةٌ كنت عن سواها غنيّا
نصب المرتضى لهم في مقام * * * لم يكن خاملاً هناك دنيّا
قال: هذا مولى لمن كنت مولا * * * ه جهاراً يقولها جهوريّا
وال يا ربِّ من يُواليه وانصر * * * ه وعادِ الذي يعادي الوصيّا
كان سؤل النبيَّ لَمّا تمنّى * * * حين أهدوه طائراً مشويّاً
إذ دعا الله أن يسوق أحبّ * * * الخلق طرّاً إليه سوقاً وحيّاً
فإذا بالوصيِّ قد قرع البا * * * ب يريد السَّلام ربّانيّا



أبو القاسم الصنوبري

(... - 334 هـ)




أبو القاسم أحمد بن محمّد بن الحسن بن مرار الجزري الرقّي الضبي، المشتهر بالصنوبري. شاعر مجيد، وشعره يجمع بين الرقة والقوة. وقد وصف شعره بالحسن والجودة حتى قال الثعالبي: تشبيهات ابن المعتز، وأوصاف كشاجم، وروضيات الصنوبري ; متى اجتمعت اجتمع الظرف والطرف.... الخ.

وكانت له صلة وثيقة بكشاجم، كما أنه التقى بالمتنبي.

سكن حلب، ودمشق وبها أنشد شعره.

له من قصيدة:
ما في المنازل حاجةٌ نقضيها * * * إلاّ السَّلام وأدمعٌ نذريها
وتفجّعٌ للعين فيها حيث لا * * * عيشٌ أوازيه بعيشي فيها


حتى يقول:
حبّ النبيِّ محمَّد ووصيِّه * * * مع حبِّ فاطمة وحبِّ بنيها
أهل الكساء الخمسة الغرر التي * * * يبني العلا بعلاهُم بانيها
كم نعمة أوليت يا مولاهُم * * * في حبِّهم فالحمد للموليها
إنَّ السفاه بشغل مدحي عنهمُ * * * فيحقُّ لي أن لا أكون سفيها
قُتل ابن من أوصي إليه خير مَن * * * أوصى الوصايا قطُّ أو يوصيها
رفع النبيُّ يمينه بيمينه * * * ليرى ارتفاع يمينه رائيها
في موضع أضحى عليه منبِّهاً * * * فيه وفيه يبدئُ التنبيها
آخاه في «خمٍّ» ونوَّه باسمه * * * لم يأل في خير به تنويها
قد قال: أفضلكم عليٌّ إنَّه * * * أمضى قضيَّته التي يمضيها
هو لي كهارون لموسى حبَّذا * * * تشبيه هارون به تشبيها
يوماه يومٌ للعدى يرويهُم * * * جورا ويومٌ للقنى يرويها
يسع الانام مثوبة وعقوبة * * * كلتاهما تمضي لما يمضيها


وقال في قصيدة يمدح بها عليّاً أمير المؤمنين (عليه السلام):
آخى حبيبي حبيب الله لا كذب * * * وابناه للمصطفى المستخلص ابنانِ
صلّى إلى القبلتين المقتدى بهما * * * والنّاس عن ذاك في صمّ وعميانِ
ما مثل زوجته أُخرى يُقاس بها * * * ولا يُقاس على سبطيه سبطانِ
فمضمر الحبِّ في نور يخصُّ به * * * ومضمر البغض مخصوصٌ بنيرانِ
رُدَّت له الشمس في أفلاكها فقضى * * * صلاته غير ما ساه ولا وانِ
أليس مَن حلَّ منه في أُخوَّته * * * محلَّ هارون من موسى بن عمرانِ؟!
وشافع الملَك الرّاجي شفاعته * * * إذ جاءه ملَكٌ في خلق ثعبانِ
قال النبيُّ له: أشقى البريّة يا * * * عليُّ إذ ذُكر الاشقى شقيّانِ
هذا عصى صالحاً في عقر ناقته * * * وذاك فيك سيلقاني بعصيانِ
ليخضبنْ هذه مِن ذا أبا حسن * * * في حين يخضبها من أحمر قانِ


ويرثي فيها أمير المؤمنين وولده السبط الشهيد بقوله:
نعم الشهيدان ربّ العرش يشهد لي * * * والخلق إنَّهما نعم الشهيدانِ
مَن ذا يُعزّي النبيَّ المصطفى بهما * * * من ذا يُعزّيه من قاص ومن دانِ؟
مَن ذا لفاطمة اللهفاء ينبئها * * * عن بعلها وابنها إنباء لهفانِ؟
من قابض النفس في المحراب منتصباً * * * وقابض النفس في الهيجاء عطشانِ؟


ومن شعره في أهل البيت (عليهم السلام):
سقى حلب المزن مغنى حلبْ * * * فكم وكلت طربا بالطربْ
وكم مستطاب من العيش لي * * * لديها إذا العيش لم يستطب
إذا نشر الزهر أعلامه * * * بها ومطارده والعذب
غدا وحواشيه من فضة * * * ترفُّ وأوساطه من ذهب
تلاعبه الريح صدر الضحى * * * فيجلى علينا جلاء اللعب
متى ما تغنّت مهاريّه * * * وانشد دبسيّه أو خطب
ندبتُ ونُحتُ بني احمد * * * ومثلي ناح ومثلي ندب
بني المصطفى المرتضى خاتم * * * النبييين والمنخب المنتجب
لاسريَ مسراه إلا به * * * وما مسّه في السرى من تعب
أم القمر انشق إلا له * * * ليقضي ما قد قضى من أرب
ولا يد سبّح فيها الحصى * * * سوى يده في جميع الحقب
وفي تفلة ردّ عينَ الوصي * * * إلى حال صحتها إذ أحب
اخوه وزوج احبّ الورى * * * اليه ومسعده في النوب
له ردّت الشمس حتى قضى * * * الصلاة وقام بما قد وجب
وزكّى بخاتمه راكعاً * * * رجاء المجازاة في المنقلب
ابو حسن وحسين الَّذَين * * * كانا سراجي سراج العرب
هما خير ماش مشى جدّةً * * * وجداً وأزكاه أماً وأب
أنيخا بنا العيس في كربلا * * * مناخ البلاء مناخ الكرب
نشمّ ممسّك ذاك الثرى * * * ونلثم كافور تلك الترب
ونقضي زيارة قبر بها * * * فان زيارته تستحب



القاضي التنوخي

(278 هـ - 334 هـ)




أبو القاسم التنوخي علي بن محمد بن أبي الفهم داود القحطاني، والتنوخي لقب لاحد أجداده المسمى تيم الله.

عالم متضلع في الفقه، والفرايض، والكلام، وحافظ للحديث، وقد تقدم في جميع العلوم كالشعر، والادب، والنجوم، والهيئة، والمنطق، والنحو، والقوافي، والعروض.

ولد في أنطاكية يوم الاحد 26/ ذي الحجة عام 278 هـ/ 891 م، ونشأ بها. غادرها عام 306 إلى بغداد وتفقه فيها على مذهب أبي حنيفة. أخذ الحديث عن الحسن الكرماني، وأحمد بن أنس الخولاني، والحسن بن أحمد الانطاكي، والفضل بن محمد العطا الانطاكي، والحسين الرقي، وأحمد بن عبد الله الجبلي ، وغيرهم.

ولاّه أيام خلافة المقتدر بالله القضاء بعسكر مكرم وتستر وجندي سابور ; القاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق التنوخي عام 310 هـ، ثم ولي القضاء في الاهواز، وكورة واسط، والكوفة، وسقي الفرات، وعدة نواح من الثغور الشامية ، وأرّجان وكورة سابور، مجتمعا ومفترقا. ثم ولاه المطيع لله قضاء إيذج ، وجندي حمص.

ومن نوادر حفظه: أنه حفظ نونية دعبل التي يفتخر بها باليمن ويرد على الكميت، وتعدادها نحو ستمائة بيت. وقد حفظ من قصائد الطائيين سبعمائة قصيدة، ومن الاحاديث عشرين ألفاً.

له تصانيف قليلة - لانشغاله بالقضاء - مع قدرته على التأليف، ومن هذه المصنفات: كتاب في العروض، وكتاب في علم القوافي وغيرها في الفقه.

توفي عصر الثلاثاء، السابع من ربيع الاول عام 342 هـ/ 953 م بالبصرة ودفن في تربة اشتريت له في المربد.

له يرد بها على ابن المعتز ناصراً العلويين قوله:
مِن ابن رسول الله وابن وصيِّه * * * إلى مدغل في عقبة الدين ناصبِ
نشا بين طُنبور وزق ومزهر * * * وفي حجر شاد أو على صدر ضاربِ
يَعيب عليّاً خير من وطئ الحصى * * * وأكمل سار في الانام وساربِ
ويُزري على السبطين سبطي محمَّد * * * فقل في حضيض رام نيل الكواكبِ
نشوا بين جبريل وبين «محمَّد» * * * وبين «عليّ» خير ماش وراكبِ
وزير النبيِّ المصطفى ووصيّه * * * ومُشبهه في شيمة وضرائبِ
ومَن قال في يوم «الغدير» محمَّدٌ * * * وقد خاف من غدر العداة النواصبِ
أما إنَّني أولى بكم من نفوسكم * * * فقالوا: بلى قول المريب المواربِ
فقال لهم: مَن كنت مولاه منكمُ * * * فهذا أخي مولاه بعدي وصاحبي
أطيعوه طرّاً فهو منّي بمنزل * * * كهارون من موسى الكليم المخاطبِ



أبو القاسم الزاهي

(318 هـ - 352 هـ)




علي بن إسحاق بن خلف القطان البغدادي شاعرٌ فاضل، ولقب الزاهي، نسبة إلى قرية من قرى نيسابور اسمها (زاه). تحيّز في شعره لاهل البيت (عليهم السلام)، وكان على مذهبهم ومودّتهم.

ولد يوم الاثنين في العشرين من صفر 318 هـ/ 930 م. عُدّ في (معالم العلماء) من الشعراء المجاهرين في شعرهم بحب أهل البيت (عليهم السلام) وصّافاً، جل شعره في ائمة أهل البيت (عليهم السلام) مدحاً ورثاءً. فكان لا يدع منقبة لهم ولا آية نزلت فيهم، إلا وصاغها شعراً. منها رد الشمس له وتكليمه إياها، وحديث عين الماء، و (الاذن الواعية) وغيرها مما سيرد ذكره في شعره.

توفي ببغداد يوم الاربعاء في العشرين من جمادي الاولى عام 352 هـ/ 963 م.

له في موالاة الامام علي (عليه السلام) قوله:
لا يهتدي إلى الرشاد مَن فَحص * * * إلاّ إذا والى عليّاً وخلصْ
ولا يذوق شربةً من حوضه * * * من غمس الولا عليه وغمصْ
نفس النبيِّ المصطفى والصنو والـ * * * ـخليفة الوارث للعلم بنصْ
مَن قد أجاب سابقاً دعوته * * * وهو غلامٌ وإلى الله شخصْ
ما عرف اللاّت ولا العزّى ولا انـ * * * ـثنى إليهما ولا حبَّ ونصْ
مَن ارتقى متن النبيِّ صاعداً * * * وكسّر الاوثان في أولى الفرصْ
وطهَّر الكعبة مِن رجس بها * * * ثمَّ هوى للارض عنها وقمصْ
مَن قد فدا بنفسه محمَّداً * * * ولم يكن بنفسه عنه حرصْ
وبات من فوق الفراش دونه * * * وجاد فيما قد غلا وما رخصْ
مَن كان في بدر ويوم أُحد * * * قطَّ من الاعناق ما شاء وقصْ
فقال جبريل ونادى: لا فتى * * * إلاّ عليٌّ عمَّ في القول وخصْ
مَن قدَّ عمرو العامريَّ سيفه * * * فخرّ كالفيل هوى وما قحصْ
من أُعطي الراية يوم خيبر * * * من بعد ما بها أخو الدعوى نكصْ
وراح فيها مبصراً مستبصراً * * * وكان أرمداً بعينيه الرمصْ
فاقتلع الباب ونال فتحه * * * ودكَّ طود مرحب لمّا قعصْ
مَن كسح البصرة مَن ناكثها * * * وقصَّ رجل عسكر بما رقصْ
وفرَّق المال وقال: خمسةٌ * * * لواحد فساوت الجند الحصصْ
ومَن بصفِّين نضا حسامه * * * ففلق الهام وفرَّق القصصْ
وصدَّ عن عمرو وبُسر كرماً * * * إذ لقيا بالسوأتين من شخصْ
ومَن أسال النهروان بالدما * * * وقطَّع العرق الذي بها رهصْ
ذاك الذي قد جمع القرآن في * * * أحكامه للواجبات والرُّخصْ
ذاك الذي آثر في طعامه * * * على صيامه وجاد بالقُرَصْ
فأنزل الله تعالى (هل أتى) * * * وذَكر الجزاء في ذاك وقصْ
ذاك الذي استوحش منه أنسٌ * * * أن يشهد الحقَّ فشاهد البرصْ
إذ قال: مَن يشهد بالغدير لي * * * فبادَرَ السامعُ وهو قد نكصْ
يابن أبي طالب يا مَن هو مِن * * * خاتم الانبياء في الحكمة فُصْ
فضلك لا يُنكر لكن الولا * * * قد ساغه بعضٌ وبعضٌ فيه غصْ


وله في ذكر خلافة أمير المؤمنين وإنَّها له بنصّ حديث الغدير قوله:
قدَّمتُ حيدر لي مولىً بتأمير * * * لَمّا علمت بتنقيبي وتنقيري
إنَّ الخلافة مِن بعد النبيِّ له * * * كانت بأمر من الرَّحمن مقدورِ
مَن قال أحمد في يوم «الغدير» له * * * بالنقل في خبر بالصِّدق مأثورِ
قم يا عليُّ فكن بعدي لهم علماً * * * واسعد بمنقلب في البعث محبورِ
مولاهمُ أنت والموفي بأمرهمُ * * * نصٌّ بوحي على الافهام مسطورِ
وذاك إنَّ إله العرش قال له * * * بلّغ وكن عند أمري خير مأمورِ
فإن عصيت ولم تفعل فإنَّك ما * * * بلّغت أمري ولم تصدع بتذكيري


وله قوله يمدح أمير المؤمنين (عليه السلام) ويذكر فرض ولائه بحديث الغدير:
دع الشناعات أيّها الخدعه * * * واركن إلى الحقِّ واغدُ متَّبعه
مَن وحَّد الله أوَّلاً وأبى * * * إلاّ النبيَّ الاميَّ واتَّبعه
مَن قال فيه النبيُّ: كان مع الـ * * * ـحقِّ عليٌّ والحقُّ كان معه
مَن هزَم الجيش يوم خيبرهم * * * وهزَّ باب القموص فاقتلعه
مَن فرض المصطفى ولاه على الـ * * * ـخلق بيوم «الغدير» إذ رفعه
أشهد أنَّ الذي تقول به * * * يعلم بطلانه الذي سمعه


وقال يمدحه صلوات الله عليه:
أُقيم بخمٍّ للخلافة حيدرٌ * * * ومِن قبلُ قال الطّهر ما ليس يُنكرُ
غداة دعاه المصطفى وهو مُزمعٌ * * * لقصد تبوك وهو للسير مضمرُ
فقال: أقم عنّي بطيبةَ واعلمن * * * بأنَّك لِلفُجّـار بــالحقِّ تقهـرُ
ولَمّا مضى الطهر النبيُّ تظاهرت * * * عليه رجالٌ بالمقال وأجهروا
فقالوا: عليٌّ قد قلاه محمَّدٌ * * * وذاك مِن الاعداء إفكٌ ومنكرُ
فأتبعه دون المعرَّس فانثنى * * * وقالوا: عليٌّ قد أتى فتأخَّروا
ولَمّا أبان القول عمَّن يقوله * * * وأبدى له ما كان يبدي ويضمرُ
فقال: أما ترضى تكون خليفتي * * * كهارون من موسى؟ وشأنك أكبر
وعلاّه خير الخلق قدراً وقدرةً * * * وذاك من الله العليّ مقدَّرُ
وقال رسول الله هذا إمامكم * * * له الله ناجى أيّها المتحيِّرُ


ولَمّا لم يكن في المعاجم عنايةٌ بشعره المذهبيِّ الراقي فنحن نذكر منه شطراً يمتدح به أمير المؤمنين (عليه السلام):
يا سادتي يا آل ياسين فقطْ * * * عليكم الوحي من الله هبطْ
لولاكُم لم يقبل الفرض ولا * * * رحنا لبحر العفو من أكرم شطْ
أنتم وُلاة العهد في الذرِّ ومَن * * * هواهمُ الله علينا قد شرطْ
ما أحدٌ قايسكم بغير كم * * * ومازج السلسل بالشرب اللمطْ
إلاّ كمن ضاهى الجبال بالحصا * * * أو قايس الابحر جهلاً بالنُقطْ
صنو النبيِّ المصطفى والكاشف الـ * * * ـغمّاء عنه والحسام المخترطْ
أوّل مَن صام وصلّى سابقاً * * * إلى المعالي وعلى السبق غُبطْ
مكلّم الشمس ومَن رُدَّت له * * * ببابل والغرب منها قد قبطْ
وراكض الارض ومن أنبع للـ * * * ـعسكر ماء العين في الوادي القحطْ
بحرٌ لديه كلُّ بحر جدولٌ * * * يغرف من تيّاره إذا اغتمطْ
وليث غاب كلُّ ليث عنده * * * ينظره العقل صغيراً إذ قلطْ
باسط علم الله في الارض ومَن * * * بحبِّه الرَّحمن لِلرِّزق بسطْ
يخطو إلى الحرب به مدَّرعاً * * * فكم به قد قدَّ مِن رجس وقطْ


وفي هذه القصيدة نجد أن المترجم قد ذكر جملة من مناقبه صلوات الله عليه وهي تكبر عن أن تحدّ وتكثر عن أن تحصى وتعدّ، كما هو الحال في تتمة القصيدة التالية:
وهو لكلِّ الاوصياء آخرُ * * * بضبطه التوحيد في الخلق انضبطْ
باطن علم الغيب والظاهر في * * * كشف الاشارات وقطب المغتبطْ
أحيى بحدِّ سيفه الدين كما * * * أمات ما أبدع أرباب اللغطْ
مفقّه الاُمَّة والقاضي الَّذي * * * أحاط من علم الهدى ما لم يُحطْ
والنَّبأ الاعظم والحجَّة والـ * * * ـمحنة والمصباح في الخطب الورطْ
حبلٌ إلى الله وباب الحطَّة الـ * * * ـفاتح بالرُّشد مغاليق الخططْ
والقدم الصَدق الذي سيط به * * * قلب امرئ بالخطوات لم يسطْ
ونهر طالوت وجنب الله والـ * * * ـعين التي بنورها العقل خبطْ
والاذن الواعية الصمـّـاء عن * * * كلِّ خنا يغلط فيه من غلطْ
حسن مآب عند ذي العرش ومَن * * * لولا أياديه لكنّا نختبطْ


وله في مدح مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:
وال عليّاً واستضئ مقباسهُ * * * تدخلْ جناناً ولتسقى كاسهُ
فمن تولاّه نجا ومن عَدا * * * ما عرف الدِّين ولا أساسهُ
أوَّل مَن قد وحّد الله وما * * * ثنى إلى الاوثان يوماً رأسهُ
فدى النبيَّ المصطفى بنفسه * * * إذ ضيَّقت أعداؤه أنفاسهُ
بات على فرش النبيِّ آمناً * * * والليل قد طافت به أحراسهُ
حتّى إذا ما هجم القوم على * * * مُستيقظ بنصله أشماسهُ
ثار إليهم فتولّوا مزقاً * * * يمنعهم عن قربه حماسهُ
مُكسِّر الاصنام في البيت الذي * * * أزيح عن وجه الهدى غماسهُ
رقى على الكاهل من خير الورى * * * والدين مقرونٌ به أنباسهُ
ونكَّس اللاّت وألقى هَبلاً * * * مُهشّماً يقلبه انتكاسهُ
وقام مولايَ على البيت وقد * * * طهَّره إذ قد رمى أرجاسهُ
واقتلع الباب اقتلاعاً معجزاً * * * يسمع في دويِّه ارتجاسهُ
كأنَّه شرارةٌ لموقد * * * أخرجها من ناره مقباسهُ
مَن قد ثنى عمرو بن ودٍّ ساجياً * * * إذ جزع الخندق ثمَّ جاسهُ
مَن هبط الجبّ ولم يخش الرَّدى * * * والماء منحلّ السقا فجاسهُ
مَن أحرق الجنَّ برجم شهبه * * * أشواظه يقدمها نُحاسهُ
حتّى انثنت لامره مذعنةً * * * ومنهمُ بالعوذ احتراسهُ


وله في مدحه صلوات الله عليه قوله:
هذا الَّذي أردى الوليد وعتبة * * * والعامريَّ وذا الخمار ومرحبا
هذا الَّذي هشمت يداه فوارساً * * * قسراً ولم يك خائفاً مترقِّبا
في كلِّ منبت شعرة من جسمه * * * أسدٌ يمدُّ إلى الفريسة مخلبا


وله فيه سلام الله عليه قوله:
أبا حسن جعلتك لي ملاذاً * * * ألوذ به ويشملني الزِّماما
فكن لي شافعاً في يوم حشري * * * وتجعل دار قدسك لي مقاما
لانّي لم أكن مِن نعثليٍّ * * * ولا أهوى عتيق ولا دماما

</H1>

ابومهندالسلامي النجفي
ابومهندالسلامي النجفي
انت رائع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه  Empty رد: علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه

مُساهمة من طرف ابومهندالسلامي النجفي السبت يوليو 02, 2011 10:34 pm


<H1 dir=rtl>أبو فراس الحمداني


(321 هـ - 357 هـ)




ابو فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني التغلبي شاعرٌ شهير وفارسٌ مقدام، جمع بين ريادة الشعر وقيادة العسكر، فهو متقدم في المقامين. وجمع إلى هيبة الامراء لطف الشعراء ومفاكهة الادباء، فلا الحرب تخيفه ولا القوافي تعصيه. ترجم شعره إلى الالمانية.

وحكي عن الصاحب أنه كان يقول: بدئ الشعر بملك وختم بملك، يعني امرأ القيس وابا فراس.

ولد في منبج عام 321 هـ/ 933 م، وتنقل في بلاد الشام في دولة ابن عمه سيف الدولة. واشتهر في عدة معارك حارب بها الروم، وأسر مرتين: الاولى في (مغارة الكحل) عام 348، والثانية على منبج وكان متقلداً بها ، في شوال 351 هـ ، وكان جريحاً حينها حيث بقي في الاسر أربع سنوات استنقذه بعدها سيف الدولة في عام 355، وهناك بولغ في تكريمه من قبل ملك الروم وأعفي من كل ما يتوجب على الاسير فعله مما فيه إذلال له ولدينه فنظم رومياته الشهيرة في محبسه.

استشهد يوم الاربعاء في الثامن من ربيع الاول عام 357 هـ/ 967 م بأمر من قرعويه غلام سيف الدولة وذلك بعد وفاة سيف الدولة واستقلال ابنه أبي المعالي الذي كلف قرعويه بمطاردة أبي فراس كونه حاول الاستقلال بحمص.

وله في بعض وقائع الاسلام بعد وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) ويذكر فيها أحقية أمير المؤمنين بالخلافة، وهي طويلة يعرض فيها أحوال الائمة (عليهم السلام) نقتطف منها ما يلي:
ألحقُّ مُهتضمٌ والدين مُخترمُ * * * وفيء آل رسول الله مُقتسمُ


حتى يقول:
قام النبيُّ بها «يوم الغدير» لهم * * * والله يشهد والاملاك والاممُ
حتّى إذا أصبحت في غير صاحبها * * * باتت تنازعها الذُّؤبان والرخمُ
وصيَّروا أمرهم شورى كأنَّهُم * * * لا يعرفون وُلاة الحقِّ أيّهُم
تالله ما جهل الاقوام موضعها * * * لكنَّهم ستروا وجه الّذي علموا
أمّا عليٌّ فأدنى من قرابتكم * * * عند الولاية إن لم تُكفر النعمُ
بئس الجزاءُ جزيتم في بني حسن * * * أباهم العَلَم الهادي وأُمَّهمُ
لا بيعة ردعتكم عن دمائهمُ * * * ولا يمين ولا قُربى ولا ذَممُ


وله هائيَّةٌ يمدح بها أهل البيت وفيها ذكر «الغدير» وهي:
يومٌ بسفح الدار لا أنساهُ * * * أرعى له دهري الذي أولاهُ
يومٌ عمرت العمر فيه بفتية * * * من نورهم أخذ الزمان بهاهُ


حتى يقول:
أتراهُم لم يسمعوا ما خصّه * * * منه النبيُّ مِن المقال أتاهُ
إذ قال يوم «غدير خمّ» معلناً * * * من كنت مولاه فذا مولاهُ
هذي وصيَّته إليه فافهموا * * * يا مَن يقول بأنَّ ما أوصاهُ
إقروا من القرآن ما في فضله * * * وتأمّلوه وأفهموا فحواهُ
لو لم تُنزَّل فيه إلاّ (هل أتى) * * * من دون كلِّ مُنزَّل لكفاهُ
مَن كان أوَّل مَن حوى القرآن من * * * لفظ النبيِّ ونطقه وتلاهُ؟!
مَن كان صاحب فتح خيبر من رمى * * * بالكفّ منه بابه ودحاهُ؟
مَن عاضد المختار مِن دون الورى؟ * * * مَنْ آزر المختار مَن آخاهُ؟
مَن بات فوق فراشه متنكّراً * * * لَمّا أطلَّ فراشه أعداهُ؟
مَن ذا أراد إلهنا بمقاله * * * ألصّادقون القانتون سواهُ؟
مَن خصَّه جبريل من ربِّ العُلى * * * بتحيَّة من ربِّه وحباهُ؟
أنسيتُم يوم الكساء وأنَّه * * * ممَّن حواه مع النبيِّ كساهُ؟


ومن شعره في المذهب:
لست أرجو النجاة من كلّما أخـ * * * ـشاه إلاّ بأحمد وعليِّ


وله في المعنى:
شافعي أحمد النبيُّ ومولا * * * ي عليٌّ والبنت والسبطانِ



أبو الفتح كشاجم

(... - 360 هـ)




محمود بن محمد بن الحسين بن سندي بن شاهك الرملي المعروف بكشاجم. وكشاجم مجموعة حروف كل حرف منها يمثل أول حرف من علم ما، فهو كاتب، شاعر، أديب، جدلي متكلم، منطقي، منجم. ولما برع في الطب زاد حرف الطاء فأصبح طكشاجم لكنه لم يشتهر به، كما في شذرات الذهب، والشيعة وفنون الاسلام، وتاريخ ابن خلكان. من أبرز شعراء القرن الرابع الهجري.

راوية شعره أبو بكر محمد بن عبد الله الحمدوني، وشعره يطفح باعتداده بنفسه وقدرته حتى أنه قال:
لو بحق تناول النجم خلق * * * نلت أعلى النجوم باستحقاق


وهو الذي لقّب نفسه بـ (كشاجم).

كان هجّاءً مقلاً، غير أنّه كان شديداً في هجوه غيره قاسي الالفاظ. ولقد ترفّعت به نفسه عن الرياسة والرتبة والوقوف على أبواب الملوك. وكان يطلب من أوليائه عدم قبول الوظائف السلطانية. غادر مسقط رأسه (الرملة) إلى الاقطار الشرقية وساح في البلاد فوصل مصرَ وحلبَ والشام.

وكان إمامياً صادق التشيع موالياً لاهل بيت العصمة.

تلمذ على الاخفش الصغير علي بن سليمان (ت 315) وله مؤلفات منها: أدب النديم، وكتاب الرسائل، كتاب المصايد والمطارد، وخصائص الطرف، والصبيح.

لم تثبت المصادر تاريخ ولادته والمرجح أنها في منتصف القرن الثالث. أما وفاته فمن قائل أنه توفي 360 هـ/ 970 م، وقائل انه توفي في 350 هـ/ 961 م وثالث في 330 هـ/ 941 م.

وله في الامام علي (عليه السلام):
له شُغُلٌ عن سؤال الطللْ * * * أقام الخليط به أم رحلْ؟
هُم حجج الله في خلقه * * * ويوم المعاد على من خذلْ


حتى يقول:
ومَن أنزل الله تفضيلهم * * * فردَّ على الله ما قد نزلْ
فجدّهُم خاتم الانبياء * * * ويعرف ذاك جميع المللْ
ووالدهم سيِّد الاوصياء * * * ومُعطي الفقير ومُردي البطلْ
وقد علموا أنّ يوم الغدير * * * بغدرهمُ جرَّ يوم الجملْ
فيا معشر الظالمين الّذين * * * أذاقوا النبيَّ مضيض الثكلْ


إلى أن قال:
يُخالفكم فيه نصُّ الكتاب * * * وما نصَّ في ذاك خير الرُّسلْ
نبذتم وصيَّته بالعراء * * * وقلتم عليه الَّذي لم يقلْ


وقوله في ولاء أمير المؤمنين (عليه السلام):
حبُّ الوصيِّ مبرَّةٌ وصله * * * وطهارةٌ بالاصل مكتفله
والنّاس عالمهم يدين به * * * حبّاً ويجهل حقَّه الجهله
ويرى التشيّع في سراتهُم * * * والنّصب في الارذال والسفله


وقوله في المعنى:
حبُّ عليٍّ علوّ همَّه * * * لانّه سيِّد الائمَّه
ميِّز محبِّيه هل تراهم * * * إلاّ ذوي ثروة ونعمه؟!


وله قوله:
زعموا أنَّ من أحبَّ عليّاً * * * ظلَّ لِلفقر لابساً جلبابا
كذبوا من أحبَّه من فقير * * * يتحلّى من الغنى أثوابا
حرّفوا منطق الوصيِّ بمعنىً * * * خالفوا إذ تأوَّلوه الصَّوابا
إنَّما قال: أرفضوا عنكم الدنـ * * * ـيا إذا كنتمُ لنا أحبابا



محمد بن هانئ الاندلسي

(326 هـ - 362 هـ)




محمد بن هانئ بن سعدون الاشبيلي الاندلسي، شاعر معروف وعالم فاضل، ولد عام 326 هـ/ 938 م ونشأ في جوّ علميٍّ أدبي وحصل له حظٌّ وافر من الادب ونبغ في الشعر وكان حافظاً لاشعار العرب وأخبارهم وحضر على علماء دار العلم بقرطبة فبرع بكثير من العلوم لا سيّما علم الهيئة، واعتبر في الادب متقدّماً حتى قيل ليس في المغاربة أفصح منه بل هو عندهم كالمتنبّي عند المشارقة، واتّصل بالخلفاء والامراء فأكرموه، وشعره طافح بالتشيّع والولاء لاهل البيت (عليهم السلام)، قُتِل عام 362 هـ/ 973 م عن عمر لم يبلغ الاربعين.

وله من قصيدة مطلعها:
هل من أعقَّةِ عالج يبرينُ * * * أم منهما بقر الحدوج العينُ
واعذر أميَّة ان تغصَّ بريقها * * * فالمهلُ ما سُقِيَتْهُ والغسلين
ألقت بأيدي الذلَّ ملقى عمرها * * * بالثوب إذ فغرتْ لهُ صفّين
قد قاد أمرهم وقلَّد ثغرهم * * * منهم مهينٌ لا يكاد يبين
أبني لؤيَّ اين فضل قديمكم * * * بل اين حلمٌ كالجبال رصين
نازعتمُ حقَّ الوصيَّ ودونهُ * * * حرمٌ وحجرٌ مانعٌ وحجون
ناضلتموه على الخلافة بالتي * * * ردَّت وفيكم حدَّها المسنون
حرَّفتموها عن أبي السبطين عن * * * زمع وليس من الهجان هجين
لو تتَّقون الله لم يطمح لها * * * طرفٌ ولم يشمخ لها عرنين
لكنّكم كنتم كأهل العجل لم * * * يحفظ لموسى فيهم هارون
لو تسألون القبر يوم فرحتمُ * * * لاجاب أنَّ محمداً محزون
ماذا تريد من الكتاب نواصبٌ * * * ولهُ ظهورٌ دونها وبطون
هي بغيةٌ أظللتموها فارجعوا * * * في آل ياسين ثوت ياسين
ردُّوا عليهم حكمهم فعليهم * * * نزلَ البيانُ وفيهمِ التبيين
البيت بيت الله وهو معظّمٌ * * * والنورُ نورُ الله وهو مبين
والسترُ سترُ الغيب وهو محجب * * * والسرُّ سرُّ الله وهو مصون
النورُ انت وكلُّ نور ظلمةٌ * * * والفوقُ انت وكلُّ قدر دون
لو كان رأيك شائعاً في أمَّة * * * علموا بما سيكون قبل يكون



الناشئ الصغير

(327 هـ - 365 هـ)




أبو الحسن عليّ بن عبد الله بن الوصيف، الناشئ الصغير البغدادي شاعرٌ مؤلف ولد عام 327 هـ/ 938 م. وقد تضلّع في النظر في الكلام، وبرع في الفقه. والحديث، ونبغ في الادب ونظم القريض. وكان جليلاً متمكناً حتى أن الشيخ المفيد والشيخ الطوسي رويا عنه، الثاني بوساطة الاول. أخذ العلم عن أبي سهل إسماعيل بن علي بن نوبخت المعدود من أعاظم متكلمي الشيعة. ونقل شيخ الطائفة: أنه كان على مذهب أهل الظاهر في الفقه.

له كتاب في الامامة، وعد الشيخ في الفهرست عدة كتب له. فقد كان جمّ العلم، غزير الفهم، واسع المعرفة في المناظرات حتى نقل عنه الخالع في معجمه أنّه يناظر بأجود عبارة، وأفنى عمره بمديح أهل البيت (عليهم السلام).

ولكرامة شعره عند الزهراء (عليها السلام) أنها تبعث أحداً رآها في منامه إلى أحمد المزوّق لينوح على ولدها الشهيد (عليه السلام) بعينيته.

توفي يوم الاثنين في الخامس من صفر سنة 365 هـ/ 975 م، ودفن في مقابر قريش. وهو ممَّن نبش قبره في واقعة 443 هـ وأحرقت جثّته.

وله في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:
يا آل ياسين مَن يحبّكمُ * * * بغير شكٍّ لنفسه نصحا


حتى يقول:
أبوكمُ أحمد وصاحبه * * * الممنوح من علم ربِّه منحا
ذاك عليُّ الذي تفرُّده * * * في يوم «خُمّ» بفضله اتَّضحا
إذ قال بين الورى وقام به * * * مُعتضداً في القيام مكتشحا
من كنت مولاه فالوصيُّ له * * * مولىً بوحي من الاله وحى
فبخبخوا ثمَّ بايعوه ومَن * * * يُبايع الله مخلصاً ربحا
ذاك عليُّ الَّذي يقول له * * * جبريل يوم النزال مُمتدحا
لا سيف إلاّ سيف الوصيّ ولا * * * فتىً سواه إن حادثٌ فدحا
لو وزنوا ضربه عمرواً وأعما * * * ل البرايا لضربه رجحا
ذاك عليُّ الَّذي تراجع عن * * * فتح سواه وسار فافتتحا
في يوم حضَّ اليهود حين أقـ * * * ـلّ الباب من حصنهم وحين دحا
لم يشهد المسلمون قطُّ رحى * * * حرب وألفوا سواه قطب رحى
صلّى عليه الاله تزكيةً * * * ووفّق العبد يُنشئ المدحا


وقال في قصيدة يوجد منها 36 بيتاً:
ألا يا خليفة خير الورى * * * لقد كفر القوم إذ خالفوكا
فيا ناصر المصطفى أحمد * * * تعلّمت نصرته من أبيكا
فأنت الخليفة دون الانام * * * فما بالهم في الورى خلّفوكا
ولا سيَّما حين وافيته * * * وقد سار بالجيش يبغي تبوكا
فقال أُناس: قلاه النبيّ * * * فصرتَ إلى الطّهر إذ خفَّضوكا
فقال النبيُّ جواباً لما * * * يؤدّي إلى مسمع الطّهر فوكا
ألم ترض انّا على رغمهم * * * كموسى وهارون إذ وافقوكا؟
ولو كان بعدي نبيٌّ كما * * * جعلت الخليفة كنت الشريكا
وأنت الخليفة يوم انتجاك * * * على الكور حيناً وقد عاينوكا
يراك نجيّاً له المسلمون * * * وكان الاله الَّذي ينتجيكا
على فم أحمد يوحي إليك * * * وأهل الضغاين مُستشرفوكا
وأنت الخليفة في دعوة الـ * * * ـعشيرة إذ كان فيهم أبوكا
ويوم «الغدير» وما يومه * * * ليترك عذراً إلى غادريكا


وله يمدح آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله:
بآل محمَّد عُرف الصوابُ * * * وفي أبياتهم نزل الكتابُ


حتى يقول:
ولا سيما أبو حسن عليّ * * * له في الحرب مرتبةٌ تُهابُ
كأنَّ سنان ذابله ضميرٌ * * * فليس عن القلوب له ذهابُ
وصارمه كبيعته بخمٍّ * * * معاقدها من القوم الرِّقابُ
عليُّ الدرّ والذهب المصفّى * * * وباقي الناس كلّهم تُرابُ
إذا لم تَبر من أعدا عليٍّ * * * فما لك في محبَّته ثوابُ
إذا نادت صوارمه نفوساً * * * فليس لها سوى نَعَم جوابُ
فبين سنانه والدِّرع سلمٌ * * * وبين البيض والبيض اصطحابُ
هو البكّاء في المحراب ليلاً * * * هو الضحّاك إن جدَّ الضرابُ
ومَن في خفِّه طرح الاعادي * * * حباباً كي يلسبه الحبابُ
فحين أراد لبس الخفِّ وافى * * * يُمانعه عن الخف الغرابُ
وطار به فأكفأهُ وفيه * * * حبابٌ في الصعيد له انسيابُ
ومَن ناجاه ثعبانٌ عظيمٌ * * * بباب الطّهر ألقته السّحابُ
هُو النبأ العظيم وفلكُ نوح * * * وباب الله وانقطع الخطابُ



المؤيد في الدين

(290 هـ - 370 هـ)




هبة الله بن موسى بن داود الشيرازي، داعي الدعاة شاعر وعالم فاضل.

ولد في شيراز حوالي سنة 290 هـ/ 902 م، وبها شبّ وترعرع. غادرها عام 329 إلى الاهواز خوفاً من السلطان أبي كاليجار الذي وقع له معه ما يورث البغضاء ; لكنه لم يأمن الغدر فرحل إلى حلة منصور بن الحسين الاسدي الذي ملك الجزيرة الدبيسية جنوب العراق حيث مكث فيها سبعة أشهر رحل بعدها إلى الموصل وحاكمها يومذاك قرواش العقيلي الذي لم ينصره مما حدا به إلى الهجرة إلى مصر بعد عام 336 التي قطن فيها حتى وفاته.

وكان داعيا نشطا من دعاة الاسماعيلية، وقد وصف نفسه بأنه شيخها، ويدها، ولسانها. فقد كان عالماً فذاً مقتدراً ويشهد بذلك مناظراته ومؤلفاته. فله مناظرات مع علماء شيراز ومع أبي العلاء المعري. وله مصنفات.

وله في أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:
لو أرادوا حقيقة الدِّين كانوا * * * تبعاً للذي أقام الرَّسولُ
وأتت فيه آيةُ النصِّ بلِّغ * * * يوم «خُمٍّ» لمّا أتى جبريلُ
ذاكُم المرتضى عليٌّ بحقٍّ * * * فبعلياه ينطق التَّنزيلُ
ذاك برهان ربِّه في البرايا * * * ذاك في الارض سيفه المسلولُ
فأطيعوا جحداً أولي الامر منهم * * * فلهم في الخلائق التَّفضيلُ


وله من قصيدة ذات 51 بيتاً توجد في ديوانه ص245، أوّلها:
نسيم الصَّبا ألمِمْ بفارسَ غاديا * * * وأبلغ سلامي أهل وُدّي الازاكيا


حتى يقول:
لئن مسَّني بالنّفي قُرحٌ فإنّني * * * بلغتُ به في بعض همّي الامانيا
فقد زُرتُ في «كوفان» للمجد قبَّةً * * * هي الدين والدنيا بحقّ كما هيا
هي القُبَّة البيضاء قُبّة «حيدر» * * * وصيّ الذي قد أرسل الله هاديا
وصيّ النبيّ المصطفى وابن عمِّه * * * ومن قام مولىً في «الغدير» وواليا
ومَن قال قومٌ فيه قولاً مُناسباً * * * لقول النّصارى في المسيح مضاهيا
فيا حبّذا التطواف حول ضريحه * * * أُصلّي عليه في خشوع تواليا
ويا حبّذا تعفير خدّي فوقه * * * ويا طيب إكبابي عليه مناجيا
أُناجي وأشكو ظالمي بتحرُّق * * * يثير دموعاً فوق خدّي جواريا



الجوهري الجرجاني

(... - 380 هـ)




أبو الحسن علي بن أحمد الجرجاني الجوهري شاعرٌ فاضلٌ، معاصر للصاحب الذي كان يعجب بشعره أشد الاعجاب ; حتى أنه اصطفاه لنفسه واختاره للسفارة بينه وبين العمال والامراء، وكان مفلقاً في الشعر والنثر. توفي بجرجان في 380 هـ/ 990 م.

وله في غدير خم قوله:
أما أخذتُ عليكم إذ نزلت بكم * * * «غدير خمّ» عقوداً بعد أيمانِ؟!
وقد جذبتُ بضبعي خير من وطىء الـ * * * ـبطحاء من مضر العليا وعدنانِ
وقلتُ والله يأبى أن أُقصِّر أو * * * أعف المسالة عن شرح وتبيان
هذا عليّ مولى من بُعثت له * * * مولىً وطابق سرّي فيه إعلاني
هذا ابن عمي ووالي منبري وأخي * * * ووارثي دون أصحابي وإخواني
محلُّ هذا إذا قايست من بدني * * * محلّ هارون من موسى بن عمرانِ


وله أيضاً:
و «غدير خمّ» ليس ينكر فضله * * * إلاّ زنيمٌ فاجرٌ كفّارُ
مَن ذا عليه الشمس بعد مغيبها * * * ردّت ببابل؟ فاستبن يا حارُ
وعليه قد رُدَّت ليوم المصطفى * * * يوماً وفي هذا جرت أخبارُ
حاز الفضايل والمناقب كلّها * * * أنّى تُحيط بمدحه الاشعارُ؟!



أبو عبد الله البشنوي الكردي

(... - 380 هـ)




الحسين بن داود الكردي البشنوي شاعرٌ مجاهر في حبّ أهل البيت (عليهم السلام)، وما نقل عن بعض بأنه شاعر بني مروان، فهو اشتباه وقع فيه أكثر المؤرخين، ذلك أنه يمتّ الى بني مروان بصلة خؤولة فهم أخواله، ثم إنهم ملوك ديار بكر لا مروان أميّة. وهم أولاد أخت باذ الكردي، وأولهم أبو علي بن مروان استولى على حكم ديار بكر من خاله.

له كتابان: الدلايل، والرسائل البشنوية، إضافة إلى ديوان شعره.

أما عقيدته فهي مما لا يُرتاب فيها، فإن القارئ يجد في أغلب شعره مدحه للائمة (عليهم السلام) ووصفهم بالمعصومين، وهو يوجه الحديث النبوي المقدس «النظر في وجه المؤمن عبادة» إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وذلك بقوله:
إذا نظرت إلى وجه الوصيّ فقد * * * عبدت ربك في قول وفي عمل


وكذلك في باقي أشعاره.

توفي عام 380 هـ/ 990 م.

وله في يوم الغدير قوله:
وقد شهدوا عيد «الغدير» وأُسمعوا * * * مقال رسول الله من غير كتمانِ
ألست بكم أولى من الناس كلّهم؟ * * * فقالوا: بلى يا أفضل الانس والجانِ
فقام خطيباً بين أعواد منبر * * * ونادى بأعلا الصوت جهراً بإعلانِ
بحيدرة والقوم خرس أذلَّة * * * قلوبهمُ ما بين خلف وعينانِ
فلبَّى مُجيباً ثمَّ أسرع مقبلاً * * * بوجه كمثل البدر في غصُن البانِ
فلاقاه بالترحيب ثمَّ ارتقى به * * * إليه وصار الطّهر للمصطفى ثانِ
وشال بعضديه وقال وقد صغى * * * إلى القول أقصى القوم تالله والدانِ
عليٌّ أخي لا فرق بيني وبينه * * * كهارون من موسى الكليم ابن عمرانِ
ووارث علمي والخليفة في غد * * * على أُمَّتي بعدي إذا زُرت جثماني
فيا ربِّ مَن والى عليّاً فواله * * * وعاد الذي عاداه واغضب على الشاني


وله قوله من قصيدة:
أأترك مشهور الحديث وصدقه * * * غداة بخمٍّ قام أحمد خاطبا؟
ألست لكم مولىً ومثلي وليّكم * * * عليٌّ فوالوه وقد قلت واجباً


وله قوله:
يوم «الغدير» لذي الولاية عيدُ * * * ولذي النواصب فضله مجحودُ
يومٌ يوسَّم في السماء بأنَّهُ * * * ألعهد فيه وذلك المعهودُ
والارض بالميراث أضحت وسمه * * * لو طاع موطودٌ وكفَّ حسودُ


وقوله:
يامُصرف النصِّ جهلاً عن أبي حسن * * * باب المدينة عن ذي الجهل مقفولُ
مدينة العلم ما عن بابها عوضٌ * * * لطالب العلم إذ ذو العلم مسؤولُ
مولى الانام عليُّ والوليُّ معاً * * * كما تفوَّه عن ذي العرش جبريلُ


ومن شعره في الامام علي (عليه السلام) قوله:
خير الوصيِّين مِن خير البيوت ومِن * * * خير القبايل معصومٌ مِن الزَّللِ
إذا نظرتَ إلى وجه الوصيِّ فقد * * * عبدتَ ربّك في قول وفي عملِ


وله قوله:
فمدينة العلم التي هو بابها * * * أضحى قسيم النّار يوم مآبهِ
فعدوُّه أشقى البريَّة في لظىً * * * ووليّه المحبوب يوم حسابهِ


وله قوله:
خير البريَّة خاصف النعل الذي * * * شهد النبيُّ بحقِّه في المشهدِ
وبعلمه وقضائه وبسيفه * * * شهد الرَّسول مع الملائك فاشهدِ



الصاحب بن عبّاد

(326 - 385 هـ)




اسماعيل بن عباد بن العباس، شاعرٌ مشهورٌ، وعالم فاضل. ولد في العام 326 هـ/ 937 م في اصفهان. صحب ابن العميد وصار كاتباً له. اتخذه الامير منصور بن بويه صاحباً له وما إن أنس منه كفاية حتى لقبه بالصاحب كافي الكفاة.

نال الوزارة بعد تولي فخر الدولة البويهي الامارة وبقي في وزارته حتى وفاته عام 385 هـ/ 995 م.

اشتهر شعره بصفة الولاء لاهل البيت (عليهم السلام).

ونفتتح هذه المختارات من شعره بأبيات يقول فيها:
حبُّ علي بن أبي طالبِ * * * أحلى من الشهدِ الى الشاربِ
لو شُقَّ عن قلبي يُرى وسطه * * * سطران قد خُطّا بلا كاتبِ
ألعدلُ والتوحيد في جانب * * * وحبُّ أهل البيتِ في جانبِ


ومن القصيدة الدالية - وهي تربو على التسعين بيتاً - اخترنا هذه الابيات ومطلعها:
لقد رحلتْ سُعدى فهل لكَ مُسعِدُ * * * وقد أنجدتْ عَلْواً فهل لك مُنْجِدُ


إلى أن قال:
وأخْلَصُ مدحي للنبيِّ محمد * * * وذريَّة منها النبيُّ محمَّدُ
وأوصى الى خير الرجال ابن عمِّه * * * وإنْ ناصَبَ الاعداءُ فيه فما هُدُوا
تجمَّع فيه ما تفرَّق في الورى * * * من الخير فاحصوه فإني أُعَدِّدُ
فسابقةُ الاسلام قد سُلِّمَتْ له * * * سوى أُمَّة من بُغضه تتقدَّدُ
وقد جاهد الاعداءَ بَدْأً وعودةً * * * وكان سواه في القتال يُعَرِّد
هو البَدْرُ في هيجاء بدر وغيرُهُ * * * فرائصُه من ذُكرة السيف ترعُدُ
وكم خَبَر في خيبر قد رويتُمُ * * * ولكنَّكم مثل النعام تشرَّد
وفي أُحُد ولَّى رجالٌ وسيفُهُ * * * يُسَوِّد وجهَ الكفر وهو يُسَوَّدُ
ويوم حنين حنَّ للفَرِّ بعضُكم * * * وصارمُهُ عضبُ الغرار مُهَنَّد
«عليٌّ» عَلِيٌّ في المواقف كلِّها * * * ولكنَّكم قد خانكم فيه مولد
عليٌّ أخو خير النبيِّين فاخرسوا * * * أو استبصروا فالرشدُ أدنى وأقْصَدُ
عليٌّ له في الطيرِ ما طار ذكرُهُ * * * وقامتْ به أعداؤه وهي تشهد
عليٌّ له في (هل أتى) ما تلوتُمُ * * * على الرغم من آنافكم فتفرَّدوا
وبات على فرش النبيِّ تَسَمُّحاً * * * بمهجته اذْ أجْلَبوا وتوعَّدوا
وما عرف الاصنامَ والقومُ سُجَّدٌ * * * لها وهو في إثر النبيِّ يوحّدُ
وصيَّره هارونَه بين اَهلِهِ * * * كهارون موسى فابحثوا وتأيَّدوا
تولَّى أمورَ الناس لم يَسْتَقِلْهُمُ * * * ألا ربَّما يرتاب مَنْ يتقلَّدُ
ولم يكُ محتاجاً إلى علم غيرِهِ * * * إذا احتاج قومٌ في القضايا فَبُلِّدوا
ولا ارتجعتْ منه وقد سار سورةٌ * * * وغضُّوا لها أبصاركم وتبدَّدوا
ولا سُدَّ عن خير المساجد بابُهُ * * * وأبوابُهم إذ ذاك عنه تُسَدَّد
وزوجتُه الزهراء خيرُ كريمة * * * لخير كريم فضلُها ليس يُجْحَدُ
وبالحسنَيْن المجدُ مَدَّ رواقَهُ * * * ولولاهما لم يبقَ للمجد مشهد
هم الحُجَجُ الغُرُّ التي قد توضَّحت * * * وهم سُرُجُ الله التي ليس تخمدُ


z z z

وله أيضاً هذه القصيدة التي تربو على الستّين بيتًا اخترنا منها ما يأتي، ومطلعها:
قالت: أبا القاسم استَخْفَفْتَ بالغَزَلِ * * * فقلتُ: ما ذاك من همِّي ولا شغلي


إلى أن قال:
قالت: فَمَنْ بعده يُصْفى الولاء له * * * قلت: الوصيُّ الذي أربى على زحلِ
قالت: فهل أحَدٌ في الفضلِ يقدمُهُ * * * فقلت: هل هضبةٌ ترقى على جبلِ
قالت: فَمَنْ أَوَّلُ الاقوام صدَّقَهُ * * * فقلت: مَنْ لم يصِرْ يوماً الى هُبَلِ
قالت: فمن بات من فوق الفراش فدى * * * فقلت: أثْبَتُ خلق الله في الوَهَلِ
قالت: فمن ذا الذي واخاه عن مِقَة * * * فقلت: مَنْ حاز ردَّ الشمس في الطَّفَلِ
قالت: فمن زُوِّجَ الزهراءَ فاطمةً * * * فقلتُ: أفضلُ من حاف ومُنْتَعِلِ
قالت: فمن والدُ السبطَيْن اذ فَرَعا * * * فقلت: سابقُ أهل السَّبْق في مَهَلِ
قالت: فمن فاز في بدر بمفخرها * * * فقلت: أضْرَبُ خلق الله للقُلَلِ
قالت: فمن ساد يوم الرَّوْع في أُحُد * * * فقلت: مَنْ هالهم بأساً ولم يُهَلِ
قالت: فمن فارسُ الاحزاب يفرسُها * * * فقلت: قاتلُ عمرو الضيغمِ البَطَلِ
قالت: فخيبرُ من ذا هدَّ معقلها * * * فقلت: سائق أهل الكفر في عُقُلِ
قالت: فيوم حنين مَنْ برى وفَرى * * * فقلت: حاصدُ أهل الشرك في عَجَلِ
قالت: فمن صاحبُ الرايات يحملُها * * * فقلت: مَنْ حِيطَ عن غشٍّ وعن نَغَلِ
قالت: براءَةُ مَن أَدَّى قوارعَها * * * فقلت: مَنْ صِيْنَ عن خَتْل وعن دغلِ
قالت: فمن ذا دُعيْ للطير يأكلُهُ * * * فقلت: أقربُ مرضيّ ومُنتَحَلِ
قالت: فمن راكعٌ زكّى بخاتمه * * * فقلت: أطعنُهم مُذْ كان بالاسَلِ
قالت: ففيمن أتانا (هل أتى) شَرَفاً * * * فقلت: أبْذَلُ خلق الله للنَّفَلِ
قالت: فمن تلْوُهُ يوم الكساء أجبْ * * * فقلت: أَنْجَبُ مكسُوٍّ ومُشْتَمِلِ
قالت: فمن باهَلَ الطهرُ النبيُّ به * * * فقلت: تاليه في حَلٍّ ومرتحلِ
قالت: فمن ذا قسيمُ النارُ يُسْهِمُها * * * فقلت: مَن رأيُهُ أذْكى من الشُّعَلِ
قالت: فمن شبهُ هارون لنعرفه * * * فقلت: مَنْ لم يَحُلْ يوماً ولم يَزُلِ
قالت: فمن ذا غدا بابَ المدينةِ قُلْ * * * فقلت: مَنْ سألوه العلمَ لم يَسَلِ
قالت: فمن ساد في يوم الغدير أَبِنْ * * * فقلت: مَنْ صار للاسلام خيرَ ولي
قالت: فمن قاتل الاقوامَ إذ نكثوا * * * فقلت: تفسيرُهُ في وقعة الجَمَلِ
قالت: فمن حارب الانجاسَ إذ قسطوا * * * فقلت: صفِّينُ تُبدي صفحةَ العَمَلِ
قالت: فمن قارع الارجاسَ اذ مرقوا * * * فقلت: معناه يوم النهروانِ جلي
قالت: فمن صاحب الحوض الشريف غداً * * * فقلت: مَنْ بيتُه في أشرف الحِلَلِ
قالت: فمن ذا لواءُ الحمد يحملُهُ * * * فقلت: مَنْ لم يكن في الرَّوْع بالوكلِ
قالت: أكُلُّ الذي قد قلتَ في رجل * * * فقلت: كلُّ الذي قد قلت في رجلِ
قالت: ومَنْ هو هذا المرء سَمِّ لنا * * * فقلت: ذاك أميرُ المؤمنين علي


z z z

وقال يمدحُ أهلَ البيت (عليهم السلام)، في قصيدة حوالي الخمسين بيتاً، اخترنا منها ما يأتي، ومطلعها:
ما لِعَليِّ العَلاء أشباهُ * * * لا والَّذي لا الـهَ إلاَّهُ
قَرْمٌ بحيث السماك منزلُهُ * * * نَدْبٌ بحيث الافلاك مأواهُ
الدينُ مَغْزاهُ والمكارمُ من * * * جَدْواهُ والمَأثراتُ مَغْناهُ
مَبْناه مبنى النبيِّ نعرفُهُ * * * وابناهُ عندَ التفاخُرِ ابناهُ
أهلاً وسهلاً بأهلِ بيتكَ يا * * * إمام عَدْل أقامَهُ اللهُ
بُعداً وسحقاً لمن تجنَّبَهُ * * * تبّاً وتعساً لمن تحاماهُ
مَنْ لم يُعايِنْ ضياءَ موضعِكُمْ * * * فإنَّ سوء اليقينِ أعماهُ
إنَّ عليّاً علا إلى شَرَف * * * لو رامَهُ الوهمُ زَلَّ مرقاهُ
كم صارم جاءهُ على ظمأ * * * فحينَ جدَّ القراعُ أرْواهُ
كم بطل رامَهُ مُصالَتَةً * * * رماه عن بأسه فأصماهُ
كم مُحرب جاءَ غير مُكْتَرِث * * * ألقاهُ للارض إذْ تلقّاهُ
ما مَلَكُ الموت غير تابعِ ما * * * يَسِمُهُ سيفُهُ بيُمْناهُ
صَوْلتُهُ في هياجهِ أَجَلٌ * * * أَجَلْ فانَّ الحتوفَ تخشاهُ
والقَدَرُ الحَتْمُ عندَ طاعته * * * يأمُرُهُ دائماً وينهاهُ
يا يومَ بَدْر أبِنْ مواقِفَهُ * * * ليعرفَ الناصبون مغزاهُ
ويا حنينُ احتفلْ لتنبئ عن * * * مقامِهِ والسيوفُ تغشاهُ
يا أُحُدُ اشهدْ بحقِّ مشهده * * * واسْعَ لتفصِحْ بقَدْرِ مسعاهُ
يا خيبرُ انطقْ بماخبرت وقُلْ * * * كيف أقامَ الهدى وأرضاهُ
ويا غديرُ انبسطْ لِتُسْمِعَهُمْ * * * مَنْ كنتُ مولاه فهو مولاهُ
ويا غداةَ الكساء لا تنهي * * * عن شرح علياه اذْ تكسّاهُ
يا مرحبَ الكفرِ مَنْ أذاقَكَ مِن * * * حَرِّ الظُّبا ما كرهتَ سُقياه
يا عمرو مَنْ ذا الذي أنالكَ مِن * * * صارمِهِ الحتفَ حين ألقاهُ
يا جَمَلَ السوءِ حين دَبَّ لهُ * * * كيف رأيتَ انتصارَ علياهُ
يا فرقةَ النَّكْثِ كيف ردَّكِ في * * * ثوب الردى اذ سَرَيْتِ مسراهُ
أمَا عرفتُمْ سموَّ منزلِهِ * * * أما لحظْتُم علوَّ مثواهُ
أما رأيتُمْ محمَّداً حَدِباً * * * عليه قد حاطَهُ ورَبَّاهُ
واختصَّه يافعاً وآثَرَهُ * * * واعتامَهُ مخلصاً وآخاهُ
زوَّجَهُ بضعةَ النبوَّةِ إذْ * * * رآهُ خيرَ امرئ وأتقاه
بَلى عرفتُم مكانَهُ حَسَناً * * * ولم تشكُّوا أنْ ليس شَرْواهُ
لكنْ جحدتُمْ محلَّهُ حَسَداً * * * ونلتُمُ في العناد أقصاهُ
حتى بكى الدينُ من صنيعِكُمُ * * * وانبجَسَتْ بالدماءِ عيناهُ
لا دَمَ الاّ دَمٌ لعترتِهِ * * * أُريقَ تأبى النفوسُ مَجْراهُ
ومَنْ غدا بالوصيِّ معتصماً * * * أنالَهُ اللهُ ما تَمنَّاهُ


خرُ أقْعَسُ مشرِقُ العرنين
</H1>
ابومهندالسلامي النجفي
ابومهندالسلامي النجفي
انت رائع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه  Empty رد: علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه

مُساهمة من طرف ابومهندالسلامي النجفي السبت يوليو 02, 2011 10:34 pm

z z z

وقال أيضاً في هذه القصيدة التي هي حوالي المائة بيت ومطلعها:
لاحَ لِعَيْنَيْكَ الطَّلَلْ * * * فكم دَم فيه يُطَلْ


إلى أن قال:
يا حيدرُ الشَّهمُ البَطَل * * * مَنْ لم يشايِعْك يَضِل
أنتَ الذي بسيفِهِ * * * ورمحِهِ الدينُ كَمَل
أنتَ الذي في الوحي تَبْـ * * * ـيينُ عُلاه قد نزل
أنتَ الذي نام على الـ * * * ـفراشِ في ليلِ الوَجَل
أنتَ الذي صلَّى أما * * * م الناس معْ خيرِ مُصل
أنتَ الذي جَدَّلَ في * * * بدر العفاريتَ العُضل
أنتَ الذي في أُحُدِ * * * ثَبَّتَ طوداً كالجبل
أنتَ الذي بخَيْبَر * * * أزَحْتَ أصناف العلَل
أنتَ الذي بالخندقِ اشـ * * * ـتدَّ لعمرو فاضمَحَل
أنتَ الذي في مَرْحب * * * حَكَّمَ أطراف الاسل
أنتَ الذي يومَ حُنَيْـ * * * ـن فرصةَ النصرِ اهتبل
أنـتَ الـذي وُلّـيَ في * * * بَراءَة فما اعتزل
أنتَ الذي قد حَمل الرَّ * * * اية في كلِّ وهل
أنتَ الذي تُسقي من الـ * * * ـحَوْضِ غداً خَيْر عَلَل
أنتَ الذي رُدَّت عَلَيْـ * * * ـه الشمس من بعدِ الطَّفَل
أنتَ الذي أصبح ها * * * رونَ وموساكَ أجَل
أنتَ الذي قد زوِّجَ الزَّ * * * هراءَ يا خيرَ الوُصَل
أنتَ الذي بالحَسَنَيْـ * * * ـنِ السيِّدَيْنِ قد نَسَل
أنتَ الذي عن هاشم * * * من طرفَيْه ما انتقل
أنــتَ الــذي والــدُهُ * * * حمى النبيَّ فاستَقل
أنتَ الذي قد باهَلَ الطْـ * * * ـهْرُ به حين ابتهل
أنت الذي قد ضمَّهُ الـ * * * ـكساءُ في خير مَحَل
أنتَ الذي يُدعى إلى الطْـ * * * ـيْرِ على رغم السفل
أنتَ الذي عقوده * * * يومَ الغديرِ لا تُحَل
أنتَ الذي بحبِّه * * * طاب الوِلادُ المُنْتَحَل
أنتَ الذي أصبح با * * * بَ أحمد حين يُسَل
أنتَ الذي سيقسمُ النْـ * * * ـارَ ويُرْدي ذا الدَّغَل
أنتَ الذي نال الذُّرى * * * ونعلُهُ فوق زُحل
أنتَ الذي أُنزِلَ فيـ * * * ـهِ (هل أتى) وما رحل
أنتَ الذي قد خَصف النَّـ * * * ـعْلَ وفي القومِ نَغَل
أنتَ الذي أوصى الَيْـ * * * ـهِ المصطفى على مهل
أنتَ الذي قد ظلَّ أقْـ * * * ـضى الناسِ من غير مَثل
أنتَ الذي كلامُهُ * * * ما بينَ صاب وعَسَل
أنتَ الذي آخى الرسو * * * ل ظاهراً حين احتفل
أنتَ الذي علَّم كُلَّ الـ * * * ـناسِ ما ضَرْبُ القُلل
أنتَ الذي الناكثَ والـ * * * ـقاسطَ بالسيفِ أذَل
أنتَ الذي أنْحى على الـ * * * ـمارق كالحتف أطَل
أنتَ الذي يُبْرِدُ من * * * شيعتِهِ نارَ الغلل
أنتَ الذي نحّاهُمُ * * * والحربُ تزْجى بالشُّعل
أنتَ الذي ساد الورى * * * من غيرِ ليتَ ولعل
أنتَ الذي لم يُرَ قَطُّ * * * ساجداً نحو هبل
أنتَ الذي ألقى على * * * أعدائه أثْقَلَ كل
أنتَ الذي لولا فتا * * * وِيْهِ لما زالَ الخَلَل
أنتَ الذي لولاه ما * * * فَارقت البِيْضُ الخِلَل
أنتَ الذي ينهلُ مِنْ * * * شِرْبِ المعالي ويعل
أنتَ الذي يُدعى بِبَحْـ * * * ـرِ العلمِ والقومُ وَشَل
أنتَ الذي لم يُثْنِهِ * * * قطّ حذارٌ وفشل
أنتَ الذي حلّى الزما * * * نَ فضلُهُ بعد عَطل
أنتَ الذي ببأسه * * * عرشُ ذوي الكفر يُثَل
أنتَ الذي كلُّ كبا * * * شِ الكفرِ إن صالَ بَتَل
تفصيلُ علياك عسيـ * * * ـرٌ فارْضَ منّي بالجُمل
هذا وكمْ مِن خبر * * * تركتُهُ لا يحتمَل
هدى إليه المصطفى * * * مَنْ كا ذا قلب وَدل
فهاكها قلائداً * * * كأنَّها بِيْضُ الكلل
خرائداً قد غُنِيَتْ * * * بكُحلهنَّ عن كَحَل
إنْ قيلَ: هل تبغي بها * * * وسيلةً؟ قلتُ: أجَل
أبغي بها وسيلةً * * * ليومِ يأتيني الاجل


وله القصيدة التي تربو على الثلاثين بيتاً اخترنا منها ما يلي ومطلعها:
يا غَزالاً عِذارُهُ كالطِّرازِ * * * إنَّ حُسْنَ الميعادِ بالانجازِ


الى ان قال:
يا عليُّ الذي علا عن مُحاذ * * * وسَما عن مُقارن ومُوازي
أنتَ ربُّ الجهادِ والزهدِ والعلـ * * * ـم وقُرْبىً في موضعِ الاحْرازِ
صاحبِ الطَّيْرِ والكساءِ أبي السِّبْـ * * * ـطَيْنِ ليثِ الابطالِ يوم البِراز
مالكِ الحَوْضِ واللواءِ لواءِ الـ * * * ـحمْدِ حتفِ الرِّقابِ والاجْوازِ
كم فقار بذي الفقارِ تَعَمَّدْ * * * تَ فَأسلمتَ أهلَهُ للتعازي
أنتَ أعْجَزْتَ في غداة التلاقي * * * كلَّ خصم نهايةَ الاعجازِ
أنتَ بادرتَ يومَ بدر وبعضُ الـ * * * ـقومِ لا يُخْرَجُون بالمِهمازِ
ولتلك الحروبِ شأنٌ عظيمٌ * * * فتركْنا الاكثارَ للايجازِ
أنت زوجُ الزهراءِ حوريَّةِ الانْـ * * * ـسِ وخيرِ النساءِ عندَ امتيازِ
أنت يومَ الغديرِ صَدْرُ الموالي * * * حينَ خلَّفْتَهُمْ معَ الاعجازِ
قد لَعَمْرِي جاراكَ قومٌ ولكنْ * * * كنتَ فيهم كالبازِ في الخازِ باز
أنا أفدي ترابَ نعلَيْكَ بالرو * * * حِ وبالنفسِ دون بذلِ الركازِ
أنا حَرْبٌ لالِ حَرْب عليهم * * * لعنةُ اللهِ ما تجهَّزَ غازي


وقال أيضاً في هذه القصيدة التي هي حوالي الثمانين بيتاً ومطلعها:
حَدقُ الحِسانِ رَمَيْنَني بتملْمُلِ * * * وأخذنَ قلبي في الرَّعيلِ الاوَّلِ


إلى أن قال:
هلْ كالوصيِّ مقارعٌ في مجمع * * * هلْ كالوصيِّ مُنازعٌ في محفِلِ
شَهَرَ الحسامَ لحَسْمِ داء مُعْضِل * * * وحَمى الجيوشَ كمثلِ ليل ألْيَل
لمّا أتَوْا بدراً أتاه مبادراً * * * يسخو بمهجةِ محرب متأصل
كم باسل قد ردَّهُ وعليه من * * * دمِهِ رداءٌ أحمرٌ لمْ يصْقَل
كم ضربة من كفِّهِ في قَرْنِه * * * قد خيلَ جَرْيُ دمائها من جَدْوَلِ
كم حَمْلة والى على أعدائهِ * * * ترمي الجبالَ بوقْعِها بِتَزَلزُل
هذا الجهادُ وما يُطيقُ بجهده * * * خصمٌ دفاعَ وضوحِهِ بتأوُّل
يا مَرْحَباً إذ ظل يردي مرحباً * * * والجيشُ بينَ مكبِّر ومُهَلِّل
وإذا انثنيتُ الى العلوم رأيُتُهُ * * * قَرْمَ القُروم يفوقُ كلَّ البُزَّل
ويقومُ بالتنزيلِ والتأويلِ لا * * * تَعْدُوهُ نكتَة واضح أو مشكِل
لولا فتاويه التي نجَّتهُمُ * * * لتهالكوا بتعسُّف وتَجَهُّل
لم يسألِ الاقوامَ عن أمْر وكم * * * سألوه مُدَّرعينَ ثوبَ تذلُّل
كانَ الرسولُ مدينةً هو بابُها * * * لو أثْبت النُّصّابُ قول المرسَل
قد كانَ كرّاراً فسُمِّيَ غيرُهُ * * * في الوقتِ فرّاراً فهلْ من معدل
هذي صدورُهُمُ لبغضِ المصطفى * * * تغلي على الاهلين غَلْيَ المِرْجَل
نصبتْ حقودُهُمُ حروباً أدْرَجَتْ * * * آلَ النبيِّ على الخطوبِ النُّزَّل
حلُّوا وقد عقدوا كما نكثوا وقد * * * عهدوا فَقُلْ في نَكثِ باغ مُبطل
دَبَّتْ عقاربُهُم لِصِنْوِ نبيِّهمْ * * * فاغْتالَهُ أشقى الورى بتَخَتُّلِ
أجروا دماء أخي النبيِّ محمد * * * فَلْتُجْرِ غَرْبَ دموعها ولْتَهْمِلِ
وَلْتَصدُرِ اللعناتُ غيرَ مُزالة * * * لِعِداهُ من ماض ومن مستقبَل
هذي القلائدُ كالخرائدِ تُجتَلى * * * في وصفِ علياءِ النبيِّ وفي علي


وقال أيضاً من قصيدة:
يا زائراً سائراً إلى الكوفَهْ * * * نَفْسي بأهلِ العباءِ مشغوفَهْ
أُغْرى بحُبِّ الغريِّ مُذ زمن * * * والنفسُ عمّا تريدُ مصدوفَهْ
أبْلغ سلامي بها الرضيَّ وقُلْ: * * * عقيدتي بالولاءِ مكنوفهْ
أرجو قسيمَ الجنانِ يقسمُ لي * * * منازلاً بينهنَّ موصوفهْ
يسقي بكأسِ النبيِّ شيعتهُ * * * وفرقَةُ الناصبينَ مكفوفَه
أفديه شمساً ضياؤها أمَمٌ * * * قد نُزِّهَتْ أن تكون مكسوفَهْ
لي مِدَحٌ فيكُمُ عرائسها * * * إليكُمُ لا تزالُ مَزْفوفَهْ
كم ستروا بغْضَةً فضائلَهُ * * * فأصبحتْ كالصباحِ مكشوفَهْ
كم طاولوه فَرَدَّ أيديَهُمْ * * * مغلولةً بالصَّغارِ مكتوفه
بابن أبي طالب وحسبُكَ من * * * طالبِ وقر عُلاه موصوفَهْ
يا ربّ سَهِّلْ لقاء مشهدهِ * * * ولا تُمِتْني بحَسْرَةِ الكوفَهْ


وقال أيضاً
بحبِّ عليٍّ تزولُ الشكوكُ * * * وتسمو النفوسُ ويَعلو النِّجارْ
فأينَ رأيتَ محبّاً له * * * فَثَمَّ الزَّكاءُ وَثَمَّ الفخارْ
وأين رأيتَ عدوّاً له * * * ففي أصلِهِ نَسَبٌ مستَعارْ


وقال أيضاً هذه القصيدة التي تربو على الستين بيتاً اخترنا منها 21 بيتاً ومطلعها:
مابالُ عَلْوى لا تردُّ جوابي * * * هذا وما ودَّعتُ شَرْخَ شبابي


الى أن يقول:
أُسْعِدْتُ بالدنيا وقد واليتكُم * * * وكذا يكونُ مع السعود مآبي
ورَوَيْتُ من فضلِ النبيِّ وآلِهِ * * * مالا يُبَقّي شبهةَ المرتابِ
لم يعلموا أنَّ الوصيَّ هو الذي * * * غَلَبَ الخضارمَ كلَّ يومِ غلاب
لم يعلموا أنَّ الوصيَّ هو الذي * * * لم يرضَ بالاصنامِ والانصاب
لم يعلموا أنَّ الوصيَّ هو الذي * * * سَبَقَ الجميعَ بسُنَّة وكتاب
لم يعلموا أنَّ الوصيَّ هو الذي * * * آتى الزكاةَ وكان في المحراب
لم يعلموا أنَّ الوصيَّ هو الذي * * * حَكَمَ الغديرُ له على الاصحاب
لم يعلموا أنَّ الوصيَّ هو الذي * * * قد سامَ أهلَ الشِّرْكِ سَوْم عذاب
لم يعلموا أنَّ الوصيَّ هو الذي * * * أزرى ببدر كلَّ أصْيَدَ آبي
لم يعلموا أنَّ الوصيَّ هو الذي * * * تركَ الضلالَ مفلَّلَ الانياب
حُبِّي أميرَ المؤمنينَ ديانةٌ * * * ظَهَرتْ عليهِ سرائري وثيابي
أدَّتْ اليهِ بصائرٌ أعْمَلْتُها * * * إعْمالَ مَرْضِيِّ اليقينِ عقابي
لم يعبث التقليدُ بي ومحبتي * * * لعمارة الاسلافِ والاحسابِ
يا كُفْؤَ بنتِ محمد لولاكَ ما * * * زُفَّتْ إلى بَشر مدى الاحقاب
يا أصْلَ عترةِ أحمد لولاكَ لَمْ * * * يكُ أحمدُ المبعوثُ ذا أعقاب
كان النبيُّ مدينةَ العلم التي * * * حَوَت الكمال وكنتَ أفضلَ باب
رُدَّتْ عليك الشمسُوهي فضيلة * * * بهرتْ فلم تُسْتَر بلفِّ نقاب
عومِلْتَ يا صنوَ النبيِّ وتلوَهُ * * * بأوابد جاءتْ بكلِّ عُجاب
فإليكَ يا كوفيُّ أنْشِد هذِه * * * مثلَ الشباب وجوْدَةِ الاحباب


وقال أيضاً - وقد اخترنا 33 بيتاً من هذه القصيدة التي تربو على الاربعين بيتاً - ومطلعها:
إذا تراخى مديحي آلَ يسينا * * * وجدتُ في القلب أحزاناً أفانينا


الى ان قال:
حُبُّ النبيِّ وأهلِ البيتِ معتمدي * * * إذا الخطوبُ أساءتْ رأيَها فينا
أيا بن عمِّ رسول اللهِ أفضل مَنْ * * * ساد الانامَ وساسَ الهاشميِّينا
أنت الامامُ ومنظور الانامِ فمن * * * يردّ ما قلتُهُ يُقْمع براهينا
هل مثل فعلك في ليل الفراشِ وقد * * * فديتَ بالروحِ ختّامَ النبيِّينا
هل مثل سَبْقِك في الاسلام إن عرفوا * * * وهذه الخصلةُ الغراءُ تكفينا
هل مثل علمك إن زَلُّوا وإن وهنوا * * * وقد هُديتَ كما أصبحتَ تهدينا
هل مثل سيفك في يوم الضِّرابِ وقد * * * دارتْ رحى الحرب تجديعاً وتوهينا
هل مثل فعلك في بدر وقد حَمَشَتْ * * * نفسُ الوغى وأسالت سَيْلَها حينا
هل مثل صَرعِكَ أعلام الضلال ولم * * * تنفكَّ تفلقُ هاماتِ الاضلِّينا
هل مثل يومك في أحد وقد غُرِفَتْ * * * عصائبُ الشِّرْكِ تغييراً وتعيينا
هل مثل بأسِكَ مَعْ عمرو وقد جبنوا * * * وحاذروا الموتَ تعجيلاً وتحيينا
هل مثل قلعِكَ باب الكفرِ تخذفُهُ * * * كأنَّهُ قُلَّةٌ من رَمْيِ رامينا
هل مثل فاطمةَ الزَهْراءِ سيِّدةٌ * * * زُوِّجْتَها يا جمالَ الفاطميينا
هل مثل نجليْكَ في فخر وفي كرم * * * إذ كُوِّنا من بَلالِ المجد تكوينا
هل مثل جمعِكَ للقرآن تعرفُهُ * * * لفظاً ومعنىً وتأويلاً وتبيينا
هل مثل حَوْزِكَ مجموع الوصية لا * * * تخشى وقد جرَّها سوم المُسامينا
هل مثل عزِّكَ في يوم الغدير وقد * * * حصَّلْتَهُ سابقاً كلَّ الُمجارينا
هل مثل كونِكَ هارونَ النبيَّ وقد * * * شأوت بالقرْبِ أصنافَ المبَارينا
هل مثل حالِكَ عند الطير تحضرُهُ * * * بدعوة حُزْتَها دونَ المصلّينا
هل مثل فضلِكَ عند النَّعْل تخصفُها * * * ولم يكنْ جاحدوا التفضيل لا هينا
هل مثل برِّكَ في حال الركوع وما * * * زكا كبرِّكَ بِرٌّ للمُزكِّينا
هل مثل بَذْلِكَ للعاني الاسير ولِلْـ * * * ـطِفْلِ اليتيم وقد أعطيتَ مسكينا
هل مثل أمرك إذ تتلو براءةَ في * * * خير المواسم قد سُؤْتَ المُناوينا
هل مثل فتواك إذ قالوا مجاهرةً: * * * لولا عليٌّ هلكْنا في فتاوينا
هل مثل صبرك إذ خانوا وإذ خَتَروا * * * حتى جرى ما جرى في يوم صفِّينا
لو قلتُ هل مثل ما ناحت مطوَّقةٌ * * * لما تقصَّيْتُ هاتيك التحاسينا
لكنَّني مخبرٌ عن بعض ما عرفتْ * * * نفسي لاُرغِمَ آنافَ المُعادينا
يا سادتي هذه غرّاءُ سائرةٌ * * * تحُمُّ فيكَ الُمجاري والمُبارينا
عَدْلِيَّةُ النَّسْجِ عبّاديَّةٌ ملكتْ * * * رقَّ القريضِ وأنسَتْكَ البساتينا
يحبُّها المخلصُ الشيعيُّ إن رُوِيَتْ * * * كحُبِّ يعقوب للزاكي بنَ يامينا
ويكمدُ الناصبُ الملعونُ إن قرئتْ * * * واللهُ يخزي بني النّصبِ الملاعينا
فهاكها أيُّها المصريُّ تنشدها * * * بين المُوالينَ تطريباً وتلحينا


وقال أيضاً من قصيدة تحوي 78 بيتاً، وقد اخترنا منها 39 بيتاً ومطلعها:
بلغتْ نفسي مُناها * * * بالمُوالي آل طه
برسول اللهِ مَنْ حا * * * زَ المعالي وحواها
وأخيهِ خيرِ نفْس * * * شرَّفَ اللهُ بناها
مَنْ كمولايَ عليٍّ * * * في الوغى يحمي لظاها
وخُصى الابطالِ قد لا * * * صَقْنَ للخوفِ كُلاها
مَنْ يصيدُ الصيدَ فيها * * * بالظُّبى حينَ انتضاها
إنتضاها ثم أمْضا * * * ها عليهم فارتضاها
مَنْ له في كلِّ يوم * * * وقَفاتٌ لا تُضاهى
كم وكم حرب عُقام * * * قدَّ بالصمصامِ فاها
يا عذوليَّ عليهِ * * * رمتُما منّي سفاها
أذكُرا أفعالَ بدر * * * لستُ أبغي ما سواها
أذكُرا غزوةَ أُحْد * * * إنَّهُ شمسُ ضحاها
أذكُرا حربَ حنين * * * إنَّهُ بدرُ دُجاها
أذكُرا الاحزابَ تُعْلِمْ * * * إنَّه ليثُ شَراها
أذكرا مهجَةَ عَمْرو * * * كيف أفناها تِجاها
أذكرا أمْرَ بَراة * * * واصدقاني مَنْ تلاها
أذكرا من زُوِّج الزَّهـ * * * ـراءَ كيْما يتباهى
أذكرا لي بُكرةَ الطَّيْـ * * * ـرِ فقد طار سناها
أذكرا لي قُلَلَ العلـ * * * ـمِ ومَنْ حلَّ ذراها
كم أمور ذَكَراها * * * وأمور نَسِياها
حالُهُ حالَةُ هارو * * * نَ لموسى فافهماها
ذكرُهُ في كُتُبِ اللـ * * * ـهِ دَراها مَنْ دراها
أُمَّتا موسى وعيسى * * * قد بَلَتْهُ فاسألاها
أعلى حبِّ عليٍّ * * * لامَني القومُ سفاها
لم يلجْ آذانَهُم شعـ * * * ـريَ لا صُمَّ صداها
أهملوا قرباهُ جهلاً * * * وتخطّوا مقتضاها
نكثوهُ بعدَ أيا * * * ن أغاروا مِنْ قُواها
لعنوهُ لَعَنات * * * لزمَتْهُمْ بعُراها
وعَشوا في يومِ خُم * * * لا جَلا اللهُ عشاها
طلبوا الدنيا وقد أعْـ * * * ـرَضَ عنها وجَفاها
وهوَ لولا الدِّينُ لم يَأ * * * سَفْ على مَنْ قد نفاها
واحتمى عنها ولو قد * * * قامَ كلبٌ فادَّعاها
يا قسيمَ النارِ والجَنْـ * * * ـنَةِ لا تخشى اشتباها
رُدَّت الشمسُ عليهِ * * * بعدما غاب سناها
ولهُ كأسُ رسولِ الـ * * * ـلهِ مَنْ شاءَ سقاها
أوَّلُ الناسِ صلاةً * * * جَعَلَ التقوى حُلاها
عَرَفَ التأويل لمّا * * * أنْ جهلتُمْ ما «طحاها»
ليس يُحْصي مأثرات * * * قد حماها واعتماها
غيرُ مَنْ قد وَطَّأ الارْ * * * ضَ ومَنْ أحصى حَصاها


وقال أيضاً هذه القصيدة التي تربو على السبعين بيتاً اخترنا منها 38 بيتاً ومطلعها:
شَيْبٌ لغيرِ أوانِهِ يعْتادُ * * * داءٌ ولكنْ أبْطَأ العُوّادُ


إلى أن قال:
ووزيرُه وأثيرُهُ ونصيرُهُ * * * أسدٌ تَزِلُّ لبأسِهِ الاساد
ذاك ابنُ فاطمة الذي عَزَماتُهُ * * * بيضٌ صوارمُ مالها أغمادُ
مَنْ سيفُهُ حوتٌ ولا يُرْوى وإنْ * * * وَرَدَ الدماءَ حياضَها الاجساد
مَنْ علمُهُ لم يبتَذِلْ بُكْأٌ بِهِ * * * حاشاه من بحر لَهُ إمْداد
مَنْ بأسُهُ لا بأسَ إنْ عظَّمْتُهُ * * * عن أنْ تقاسَ بقَدْرِهِ الانداد
عجبَتْ ملائكةُ السماءِ لحربِهِ * * * في يومِ بَدْر والجيادُ جهادُ
إذ شاهَدَتْهُ والمنونُ تطيعُهُ * * * فيمن يهمُّ بخطفِهِ ويكاد
فحكاهُ عنهمْ جبرئيلُ لاحمد * * * إسنادُ مجد ليس فيهِ سِنادُ
صَرَعَ الوليدَ بموقف شابَ الوليـ * * * ـدُ لهَوْلِهِ وتهاوَتِ الاعضاد
وأذاقَ عُتبَةَ بالحسامِ عقوبةً * * * حُسِمَتْ بها الادواءُ وهي تِلادُ
يفري الفَرِيَّ ويُنزلُ البطلَ الكَمِيـْ * * * ـيَ وحَلَّتاهُ من الدماءِ جِسادُ
ما كانَ في قتلاهُ إلاّ باسِلٌ * * * فكأنَّما صمصامهُ نَقّادُ
لكَ يا عليُّ دعا النبيُّ بخيبر * * * والقومُ قد كذبوا القتالَ وعادوا
فأخذتَ رايتَهُ بكفٍّ عُوِّدَتْ * * * عاداتِ نصر لم تزلْ تُعْتادُ
فصدقتَهُمْ حَرْباً غدتْ نيرانُها * * * ثمَّ انثنَتْ والمشركون رَمادُ
وثَلَلْتَ معقلهُمْ لحرِّ جبينِهِ * * * كم قائم أزرى بِهِ الاقعاد
ورجعتَ منصورَ الجبينِ مُظفَّراً * * * في المسلمينَ دليلُكَ الارشاد
كم من رؤوس للضلالِ قصدتَها * * * فتبرَّأتْ من حملها الاجساد
واذكُرْ - لعمْرُ الله - عمراً عندما * * * أوردتَهُ اذْ أعوزَ الايراد
جَبُنَ الجميعُ ولا جموعَ تطيقُهُ * * * والشرُّ منهُ مبْدأٌ ومَعادُ
حتى انبريتَ لجسمه فبريتَهُ * * * كزنادِ ألوى مالَهُ اصْلادُ([14])
بدَّدتَ شَملَ الكافرينَ بصارم * * * في حدِّهِ الاشقاءُ والاسعادُ
لو رُمْتَ أسرَهُمُ لهانَ وإنَّما * * * بكَ أن يعمَّ المشركينَ نفادُ
مُلّكْتَهُمْ يومَ الوغى وبذلتَهم * * * وكأنَّهُم مالٌ وأنت جواد
كرم يشار إليه بالايدي الطوا * * * لِ ومفخرٌ بالمكرمات يشاد
وعمومةٌ وخؤولةٌ في هاشم * * * لهما بأعلى الفرقدَيْنِ مهادُ
وعبادةٌ لو قُسِّمَتْ بين الورى * * * عادَ العِبادُ وكلُّهُمْ عُبّاد
وخطابةٌ جذب القرانُ بضبعِها * * * لم يُحْتَكَمْ قسٌّ لها وإياد
وشجاعةٌ لمّا استمرَّ مريرُها * * * لم يُرْضَ عنترةٌ ولا شَدّاد
وتَزوَّجَ الزهراءَ وهي فضيلةٌ * * * غرّاءُ ليس تبيدُها الابادُ
قد جاء بالحسنَيْنِ وهو موفقٌ * * * للحُسْنَيَيْنِ ونجمُهُ صَعّادُ
كم شيعة تصغي لسحرِ قصائدي * * * فكأنَّما أيامُها أعيادُ
ومناصبين تسمَّعوا وقلوبُهُمْ * * * حَرّى تَفَتَّتُ دونها الاكبادُ


وقال أيضاً هذه القصيدة التي هي خمسون بيتاً وأخذنا منها 24 بيتاً ومطلعها:
المجدُ أجمعُ ما حَوَتْهُ يميني * * * والفخرُ يصغرُ أن يكون خديني


إلى أن يقول:
يا آل أَحمد قَد حَدَوْت بِمَدْحِكمْ * * * لمّا رأيتُ الحقَّ جِدَّ مُبينِ
سَبَقَ الوصيُّ إلى العُلى طلاّبها * * * حتى تملّكها بغيرِ قرينِ
شمسٌ ولكنْ ليس يغربُ قرصُها * * * وضَياغِمٌ لم تستترْ بعرينِ
جذَبَ النبيُّ بضَبْعِهِ يومَ الغديـ * * * ـرِ ووكَّدَ التعريفَ بالتعيين
خَتَمَ الرِّقابَ بنصْبِه لولاية * * * ختم الرقاب خلاف خَتْمِ الطينِ
يومٌ أغرُّ أضاء غرَّةَ هاشم * * * يومٌ هِجانٌ ساءَ كلَّ هجين
أذكرْ لهُ بَدْراً وسَعْي حسامِهِ * * * في هجْرِ روح أو وصالِ مَنون
واذكرْ لهُ أُحداً وقد أرضى الردى * * * ورضى الردى إسخاطُ كلِّ وَتينِ
ثمَّ اذكر الاحزابَ واذكرْ سيفَهُ * * * أسَدٌ يلاقي الحربَ بالتَّبْنينِ
واذكرْ يهودَ بخيبر إذ شَلَّها * * * مثلَ العُقاب يُشلُّ بالشَاهينِ
واذكرْ حُنَيْناً حين أصبح عضبُهُ * * * يلقى المناجِزَ عن هوىً وحنين
أجرى دماء المشركين فلو جرتْ * * * في موقف لرأيتَ ألفَ معينِ
واذكرْ مؤاخاةَ النبيِّ وقوله * * * ما قالَ في موسى وفي هارون
قد سُدَّت الابوابُ إلاّ بابهُ * * * لو كانَ يُعْرَفُ موضع التبيين
وبراءةُ ارتجِعَتْ ومُلِّكَ أمْرَها * * * يا ربَّ شأن ناسخ لشؤونِ
وبـ (هل أتى) وحيٌ بمفخرِ ما أتى * * * ليُغَضَّ طرفُ الناصبِ المغبونِ
أرُواةَ آثارِ النبيِّ مَنِ الذي * * * يُدْعى قسيمَ النارِ يومَ الدينِ؟
مَنْ بابُه في العلمِ وهوَ مَدينةٌ * * * إيه وصاحبُ سرِّهِ المخزونِ؟
مَنْ زُوِّجَ الزهراءَ حينِ تزاحموا * * * في خطبة كشفتْ عن المكنونِ؟
مَنْ جذَّ أصلَ الناكثين وجَدَّ حبـْ * * * ـلَ القاسطينَ وحاطَ عزَّ الدينِ؟
مَنْ كان حَتْفَ المارقينَ القاسطيـ * * * ـنَ وحَيْنَهُمْ في ذمَّة التحيين؟
يا أُمَّةً مَلَكَ الضلالُ زمامَها * * * وتهالكتْ في حالِها الملعون
أجزاءُ مَنْ هذي ذؤابةُ فضلِهِ * * * وثمارُ علياه بغيرِ غصونِ
ألاّ يُقدَّمَ والفضائلُ شُهَّدٌ * * * والف
ابومهندالسلامي النجفي
ابومهندالسلامي النجفي
انت رائع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه  Empty رد: علي مع القرآن والقرآن مع علي ؟؟؟مع الادبيات الشعرية التي قيل عنه

مُساهمة من طرف ابومهندالسلامي النجفي السبت يوليو 02, 2011 10:36 pm



وقال أيضاً، هذه القصيدة التي تربو على الثلاثين بيتاً أخذنا منها هذه الابيات ومطلعها:
الشيب ينشرُ عُمراً ثم يطويهِ * * * والدهرُ يُبْعِدُ هَمّاً ثم يُدنيهِ


إلى أن قال:
والحمدُ لله اذْ كان المشيبُ على * * * دينِ التشيُّعِ لا دين ينافيه
ولا أُفَضِّلُ إلاّ مَنْ تفضِّلُهُ * * * أفعالُهُ وتزكّيهِ مساعيه
مَنْ كالوصيِّ عليٍّ عندَ سابقة * * * والقومُ ما بينَ تضليل وتسفيه
مَنْ كالوصيِّ عليٍّ عند ملحمة * * * والسيفُ يأخذُ مَنْ يهوى ويعطيه
مَنْ كالوصيِّ عليٍّ عند مشكلة * * * وعلمُهُ البحرُ قد فاضتْ نواحيهِ
مَنْ كالوصيِّ عليّ عند مخمصة * * * قد جادَ بالقوتِ إيثاراً لعافيهِ
بابُ المدينة لا تبغوا بهِ بَدَلاً * * * لتدخلوها وخلُّوا جانبَ التيهِ
كفو البتول ولا كفوٌ سواهُ لها * * * والامر يكشفُهُ أمرٌ يوازيهِ
يا يومَ بدر تجشَّمْ ذكرَ موقفِهِ * * * فاللوحُ يحفظُهُ والوحيُ يُمْليهِ
وأنتَ يا أُحْدُ قُلْ: ما في الورى أحدٌ * * * يطيقُ جحداً لما قد قلتهُ فيهِ
براءةُ استرسلي للقول وانبسطي * * * فقد لبستِ جمالاً من تولِّيه
وإنْ رجعتُ إلى يومِ الغديرِ وكم * * * من مفخر فيهِ أحكيهِ وأرويه
وكان هارونَ موسى لو تبيَّنَهُ * * * من قد غدا النصب دون الرشد يعميه
ولو كتبتُ الذي حاز الوصيُّ لما * * * كان البساطُ بساطُ الارضِ يكفيهِ
يا سيدي يا أمير المؤمنين لقد * * * علقتُ منكَ بحبل لا أُخلِّيه
أصبحتَ مولايَ لا أبغي بها بدلا * * * أُهدي له المدحَ مدحاً فاز مُهديه


z z z

وقال أيضاً وهي القصيدة التي تربو على 58 بيتاً واخذنا منها هذه الابيات ومطلعها:
يا وصلُ مالَكَ لا تُعاوِدْ * * * يا هجرُ مالَكَ لا تُباعِدْ


الى أن قال:
روحي فداءُ أبي ترا * * * ب إنَّهُ بحرُ الفوائد
بحرُ الفوائدِ والعوا * * * ئدِ والمَناصِبِ والمراشد
فَلَكُ المجامِعِ والمحا * * * فِلِ والمقاوِل والمقاصد
نالَ الفراقِدَ والذي * * * قد قدَّموهُ بعْدُ راقدْ
واللهِ ما جحدوهُ عن * * * حقٍّ على الايّامِ خالِدْ
إلاّ لثارات تَقا * * * دَمَ عهدُها في قلبِ حاقِد
ومحلُّهُ فوقَ الاما * * * مَةِ لو يُرى للفضل ناقِد
لولا فتاويهِ لكا * * * نَ أجَلُّهُمْ يقظانَ راقد
هُوَ أوحدٌ بعدَ النَّبـ * * * ـيِّ المصطفى والحقُّ واحِدْ
وفخارُهُ يتناولُ الـ * * * ـزّهْرَ الثواقبَ وهو قاعد
نَصَرَ النبيَّ المصطفى * * * عند العظائمِ والشدائدْ
حتّى اذا ما الدينُ حَـ * * * ـطَّ جِرانَهُ ثَبْتَ المَعابِد
وقضى الغديرُ بما قضى * * * والصبحُ للظلماءِ طارد
كانَتْ أمورٌ حَصْرُها * * * بالعدِّ يُعْجِزُ كلَّ عاقد
اللهُ عونُكَ يا عَلِـ * * * ـيُّ وحَرْبُ خوّان وجاحد
لكَ مِنِّيَ المِدَحُ التي * * * يُعْنى بأدْناها عُطارِد
أنتَ الفريدُ وهذهِ * * * في وصفِ علياك الفرائدْ


z z z

وقال أيضاً:
ألفٌ: أميرُ المؤمنين عليُّ * * * باءٌ: بِهِ ركنُ اليقينِ قويُّ
تاءٌ: تَوى أعداءه بحسامِهِ * * * ثاءٌ: ثوى حيثُ السماك مُضِيُّ
جيمٌ: جرى في خيرِ أسباقِ العلى * * * حاءٌ: حوى العلياءَ وهو صبيُّ
خاءٌ: خَبتْ حسّادُهُ من خوفه * * * دالٌ: درى مالم يَحُزْ انسيُّ
ذالٌ: ذُؤابةُ مجدِهِ فوق السُّهى * * * راءٌ: رَوِيُّ فخارِهِ علويُّ
زايٌ: زَوى وجهَ الضلالةِ سيفُهُ * * * سينٌ: سبيلُ يقينِهِ مَرْضِيُّ
شينٌ: شَآى أمَدَ الُمجاري سَبْقُهُ * * * صادٌ: صراطُ الدينِ منه سَوِيُّ
ضادٌ: ضياءُ شموسِهِ نورُ الورى * * * طاءٌ: طريقُ علومِهِ نَبَوِيُّ
ظاءٌ: ظَلامُ الشكِّ عنهُ زائلٌ * * * عينٌ: عرينُ أُسودِهِ محمِيُّ
غينٌ: غرارُ حسامِهِ حتفُ العدى * * * فاءٌ: فسيحُ الراحتَيْنِ سخيُّ
قافٌ: قَفا طرقَ النبيِّ المصطفى * * * كافٌ: كريمُ المنتمى قرشيُّ
لامٌ: لقاحُ الحربِ محروس الذرى * * * ميمٌ: منيعُ الجانبينِ تقيُّ
نونٌ: نقيُّ الجَيْبِ مرفوعُ البنا * * * واوٌ: وصيُّ المصطفى مهديُّ
هاءٌ: هديَّةُ ربِّهِ لنبيِّهِ * * * ياءٌ: يقيمُ الدينَ وهو رضيُّ


وقال أيضاً، وقد اخترنا منها هذه الابيات ومطلعها:
أنا من شيعة الرضا * * * سيدِ الناسِ حيدَرَهْ
ألامامِ المطهَّرِ ابـ * * * ـنِ الحصانِ المطهَّرهْ
وأخي المصطفى ومَنْ * * * حَسَدَ الفخرُ مفخرهْ
زوج مولاتِـنا التي * * * لم يكنْ مثلَها مَرَهْ
جاشَ طبعي بمدحِهِ * * * فاستميلوا لاَنْشُرَه
إنَّ آثارَهُ مَنا * * * قِبُ في الناسِ مُؤْثَرَه
فهو في السلمِ روضةٌ * * * وهو في الحربِ قَسْوَره
كم عزيز أذلَّهُ * * * بيدَيْهِ وعفَّره
ألمساعي عليهِ في * * * يومِ بدر مُوَفَّره
سيفُهُ صولجانُهُ * * * وهُمُ فيهِ كالكُرَه
فاسألوا عنهُ أُحْدهُ * * * واسألوا عنهُ خيْبَرَه
جَعَل البأسَ درعَهُ * * * ومعاليهِ مغْفَرَه
حيثُ لم يُغْنِ عامرُ بـْ * * * ـنُ طفيل وعَنْتَرَه
كم غصون من العلو * * * م بعلياهُ مُثْمِره
كفُّهُ كفَّت الخطو * * * بَ وكانت مُظَفَّره
فَفَدى الخَلْقُ كفَّه * * * بل فَدى الخلقُ خنصره
صاحَبَ المصطفى على * * * حالِ عُسر وميْسَرَهْ
رُبَّ قوم تغيَّروا * * * وأمِنّا تَغَيُّره
ناصحُ الجَيْبِ آمِنُ الـ * * * ـغيبِ لم يعرف الشَّرَه
صاحبُ الحوضِ والرسو * * * لُ بها ذاكَ بَشَّره
قد فدى ليلةَ الفرا * * * شِ أخاهُ لينْصُرَه
لَعَنَ اللهُ كلَّ مَنْ * * * رَدَّ هذا وأنكره
لَعَنَ اللهُ عُصبةً * * * ناصَبَتْهُ على تِرَه


وله:
حبُّ عليِّ بن أبي طالب * * * فرضٌ على الشاهد والغائبِ
وأُمُّ مَنْ نابذه عاهرٌ * * * تُبْذَلُ للنازل والراكبِ


وله من قصيدة ومطلعها:
أيعسوبَ دينِ الله صنوَ نبيِّه * * * ومَنْ حبُّهُ فرضٌ من الله واجبُ
مكانك من فوق الفراقد لائحٌ * * * ومجدُك من أعلى السماك مراقب
وسيفُكَ في جيد الاعادي قلائدٌ * * * قلائدُ لم يعكفْ عليهنَّ ثاقب


ومنها:
وفي يوم بدر غنيةٌ وكفايةٌ * * * وقد ذُلِّلَتْ في مضربَيْكَ مصاعبُ
وفي أُحُد لمّا أتيتَ وبعضُهم * * * - وانْ سألوا صرَّحْتُ - أسْوانُ هارب
وفي يوم عمرو إي لعمري مناقبٌ * * * مُبَيَّنَةٌ ما مثلهنَّ مناقبُ
وفي مرحب لو يعلمون قناعةٌ * * * وفي كل يوْم للوصيِّ مراحبُ
وفي خيبر أخبارُهُ الغرُّ بيَّنَتْ * * * حقيقتَها والليثُ بالسيف لا عبُ


ومنها:
وكم دعوة للمصطفى فيه حُقِّقَتْ * * * وآمالُ مَنْ عادى الوصيَّ خوائبُ
فمن رَمَد آذاه جَلاّه داعياً * * * لساعته والريحُ في الحرب عاصبُ
ومن سطوة للحرِّ والبرد دوفعَتْ * * * بدعوتِهِ عنه وفيها عجائبُ




ومنها:
وفي أيِّ يوم لم يكن شمسَ يومِهِ * * * إذا قيل: هذا يومُ تُقْضى المآربُ
أفي خطبة الزهراء لما استخصَّهُ * * * كفاءً لها والكلُّ من قبلُ طالبُ
أفي الطير لما قد دعا فأجابه * * * وقد ردَّه عني غبيٌّ مواربُ
أفي يوم خمٍّ إذ أشاد بذكره * * * وقد سمع الايصاءَ جاء وذاهبُ
أفي رفعِهِ يوم التباهل قدرَهُ * * * وذلك مجدٌ - ما علمت - مواظبُ
أفي ضمّهِ يوم الكساء وقولِهِ: * * * هُمُ أهلُ بيتي حين جبريل حاسبُ
أفي خصفِهِ للنعل لمّا أحلَّه * * * بحيث تراءتْهُ النجوم الثواقبُ
أفي القول نصّاً للزبير محذِّراً: * * * تحاربُهُ بالظلم حين تحاربُ


وله قوله:
بمحمد ووصيِّه وابنَيْهما * * * ألطاهرَيْنِ وسيدِ العُبّادِ
ومحمد وبجعفرِ بن محمد * * * وسميِّ مبعوث بشاطي الوادي
وعليٍّ الطوسيِّ ثم محمد * * * وعليٍّ المسموم ثم الهادي
حسن وأتْبعْ بعده بإمامة * * * للقائم المبعوث بالمرصادِ


وله:
قالوا: ترفَّضْتَ، قلتُ: كلاّ * * * ما الرفضُ ديني ولا اعتقادي
لكنْ تواليت دون شكٍّ * * * خيرَ إمام وخيرَ هادي
إنْ كان حبُّ الوصيِّ رفضاً * * * فإنني أرفَضُ العبادِ


وله:
وقالوا: عليٌّ علا قلتُ: لا * * * فان العُلى بِعَلِيٍّ علا
ولكنْ أقولُ كقول النبيّ * * * وقد جمع الخلقَ كلَّ الملا
ألا إنَّ مَنْ كنتُ مولىً له * * * يوالي عليّاً وإلا فلا


وله:
عليٌّ وليُّ المؤمنين لديكُمُ * * * ومولاكم من بين كل الاعاظم
عليٌّ من الغصن الذي منه أحمدٌ * * * ومن سائر الاشجار أولاد آدمِ


وله:
إنَّ المحبَّةَ للوصيِّ فريضةٌ * * * أعني أميرَ المؤمنين عليّا
قد كلَّفَ اللهُ البريةَ كلَّها * * * واختاره للمؤمنين وليّا



ابن الحجاج البغدادي

(... - 391 هـ)




أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحجاج البغدادي، عالم فاضل وشاعر محبّ وما يشهد على فضله وعلمه أنه ولي الحسبة مرات عديدة.

وليس فيما بين أيدينا ما يشير الى تاريخ ولادته.

أمّا أدبه فهو قمة فيه حتى قيل عنه: إنه كامرئ القيس في الشعر. وديوانه عشر مجلدات، وكان صاحب طريقة في نظم الشعر خاصة به. وجل شعره يعرب عن ولائه لاهل البيت (عليهم السلام).

عاصر عشراً من خلفاء بني العباس، أولهم المعتمد بن المتوكل (ت 279)، وآخرهم الطائع (ت 393).

توفي في جمادي الاخرة عام 391 هـ/ 1000 م في النيل وهي بلدة على الفرات ما بين بغداد والكوفة وأمر بدفنه عند رجلي الامام علي (عليه السلام)، وأن يكتب على ضريحه: «وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد».

وله هذه القصيدة التي أنشدها في الروضة العلويّة بين يدي السلطان مسعود بن بابويه قوله:
يا صاحب القبَّة البيضاء في النجفِ * * * مَن زار قبرك واستشفى لديك شُفي
لانّك العروة الوثقى فمن علقت * * * بها يداه فلن يشقى ولم يخفِ
وإنَّ أسماءك الحسنى إذا تُليت * * * على مريض شُفي من سقمة الدَّنفِ
وإنَّك الاية الكبرى التي ظهرتْ * * * للعارفين بأنواء من الطرفِ
هذي ملائكة الرَّحمن دائمة * * * يهبطن نحوك بالالطاف والتّحفِ
كان النبيُّ إذا استكفاك معضلة * * * من الاُمور وقد أعيت لديه كفي
والموت طوعك والارواح تملكها * * * وقد حكمتَ فلم تظلم ولم تحفِ
لا قدَّس الله قوماً قال قائلهم * * * بخ بخ لك من فضل ومن شرفِ
وبايعوك «بخمٍّ» ثمَّ أكّدها * * * «محمَّدٌ» بمقال منه غير خفي
عاقوك واطرّحوا قول النبيِّ ولم * * * يمنعهمُ قوله: هذا أخي خلفي
هذا وليّكُم بعدي فمن علقت * * * به يداه فلن يخشى ولم يخفِ



أبو العلا السروي





أبو العلا محمد بن إبراهيم السروي، شاعرٌ أديب وفاضلٌ، مؤلف المتفرد. له مساجلات ومكاتبات مع ابن العميد. وله كتب عدة وشعره رقيق.

من أدباء القرن الرابع، ولم تذكر المراجع تاريخ ولادته ولا وفاته، وليس فيما بين أيدينا ما يذكر بعض تفاصيل رحلة حياته.

وله في علي (عليه السلام) قوله:
عليٌّ إمامي بَعد الرَّسولِ * * * سيشفع في عرصة الحقِّ لي
ولا أدَّعي لعليّ سوى * * * فضايل في العقل لم تشكل
ولا أدَّعي أنَّه مرسلٌ * * * ولكن إمامٌ بنصٍّ جلي
وقول الرَّسول له إذ أتى * * * له شبه الفاضل المفضلِ
ألا إنَّ مَن كنت مولىً له * * * فمولاه من غير شكٍّ علي


وله أيضاً قوله:
لو لم يكن لبني الزَّهرء فاطمة * * * من شاهد غير هذا في الورى لكفى
فرايةٌ لبني العبّاس عابسةٌ * * * سوداء تشهد فيه التيه والشرفا
ورايةٌ لبني الزَّهراء زاهرةٌ * * * بيضاء يعرف فيها الحقَّ من عرفا
وقد تناكرت الاحلام وانقلبت * * * فيهم فأصبح نور الله مُنكسفا
إلاّ أضاء لهم عنها أبو حسن * * * بعلمه؟ وكفاهم حرّها وشفى؟!
وهل نظيرٌ له في الزُّهد بينهمُ * * * ولو أصاخ لدنيا أو بها كلفا؟!
وهل أطاع النبيَّ المصطفى بشرٌ * * * مِن قبله وحذا آثاره وقفا؟!
وهل عرفنا وهل قالوا سواه فتىً * * * بذي الفقار إلى أقرانه زلفا؟!
مفرِّجٌ عن رسول الله كربته * * * يوم الطِّعان إذا قلب الجبان هفا



أبو محمد العوني



(توفي في النصف الثاني من القرن الرابع)



ابن عبيد الله بن أبي عون الغساني العوني. شاعر، صاحب طرفة ونكتة. متشيع، ومتفان في ولاء الائمة سلام الله عليهم. وكان شعره يتلى في الاندية والمجتمعات بعد أن تسير به الركبان إلى أماكن قصية، خصوصاً ذاك الذي في حب أهل البيت (عليهم السلام). ومن هؤلاء الشاعر منير، فقد كان ينشد شعر العوني في أسواق طرابلس. نظم أكثر مناقب أهل البيت (عليهم السلام) وبلغ عدّهم في شعره اثني عشر إماماً، والمظنون أنه توفي في النصف الثاني من القرن الرابع.

وله في يوم الغدير قوله:
إمامي له يوم «الغدير» أقامه * * * نبيُّ الهدى ما بين من أنكر الامرا
وقام خطيباً فيهمُ إذ أقامه * * * ومن بعد حمد الله قال لهم جهرا
ألا إنَّ هذا المرتضى بعلُ فاطم * * * عليُّ الرضا صهري فأكرم به صهرا
ووارث علمي والخليفة فيكمُ * * * إلى الله من أعدائه كلّهم أبرا
سمعتم؟ أطعتم؟ هل وعيتم مقالتي؟ * * * فقالوا جميعاً: ليس نعدو له أمرا
وفي خبر صحَّت روايته لهم * * * عن المصطفى لا شكَّ فيه فيستبرا
بأن قال: لمّا أن عرجت إلى السَّما * * * رأيت بها الاملاك ناظرة شزرا
إلى نحو شخص حيل بيني وبينه * * * لعظم الذي عاينته منه لي خيرا
فقلت: حبيبي جبرئيل مَن الذي * * * تُلاحظه الاملاك؟ قال: لك البُشرى
فقلت: وما من ذاك؟ قال: عليّ الر * * * ضا خصَّه الرَّحمن من نِعَم فخرا


وأيضاً قوله:
أليس قام رسول الله يخطبهم * * * يوم «الغدير» وجمع الناس محتفلُ؟!
وقال: مَن كنت مولاه فذاك له * * * من بعدُ مولىً فواخاهُ وما فعلوا
لو سلّموها إلى الهادي أبي حسن * * * كفى البرايا ولم تستوحش السبلُ


وأيضاً:
فقال رسول الله: هذا لامَّتي * * * هو اليوم مولىً ربّ ما قلت فاسمعِ
فقام جحودٌ ذو شقاقٌ منافقٌ * * * يُنادي رسول الله من قلب موجعِ
أعن ربِّنا هذا؟ أم انت اخترعته؟ * * * فقال: معاذ الله لست بمُبدعِ
فقال عدوُّ الله: لا همَّ إن يكن * * * كما قال حقّاً بي عذاباً فأوقعِ
فعوجل من أفق السَّماء بكفره * * * بجندلة فانكبَّ ثاو بمصرعِ


وله من قصيدة طويلة يمدح بها أمير المؤمنين (عليه السلام):
إنّ رسول الله مصباح الهدى * * * وحجَّة الله على كلِّ البشرْ
فكان مَن أوَّل من صدَّقه * * * وصيّه وهو بسنِّ ما ثغرْ
ولم يكن أشرك بالله ولا * * * دُنِّس يوماً بسجود لحَجَرْ
فذاكمُ أوَّل مَن آمن بالـ * * * ـلّه ومَن جاهد فيه ونصرْ
أوَّل مَن صلّى مِن القوم ومَن * * * طاف ومَن حجَّ بنسك واعتمرْ
من شارك الطاهر في يوم العبا * * * في نفسه من شكَّ في ذاك كفرْ
مَن جاد بالنَّفس ومَن ضنّ بها * * * في ليلة عند الفراش المشتهرْ
مَن صاحب الدار الذي انقضَّ بها * * * نجمٌ من الجوِّ نهاراً فانكدرْ
مَن صاحب الراية لَمّا ردَّها * * * بالامس بالذلِّ قبيع وزفرْ
مَن خُصّ بالتبليغ في براءَة * * * فتلك للعاقل من إحدى العِبَرْ
مَن كان في المسجد طلقاً بابه * * * خلّى وأبواب اُناس لم تُذرْ
مَن حاز في «خمَّ» بأمر الله ذا * * * ك الفضل واستولى عليهم واقتدرْ
مَن فاز بالدَّعوة يوم الطاير المـ * * * ـشويِّ من خصّ بذاك المفتخرْ
مَن ذا الذي أسري به حتّى رأى * * * القدرة في حندس ليل معتكرْ
مَن خاصف النَّعل ومن خبّركم * * * عنه رسول الله أنواع الخبرْ
كليم شمس الله والرّاجعها * * * من بعدما انجاب ضياها واستترْ
كليم أهل الكهف إذ كلّمهم * * * في ليلة المسح فسل عنها الخبرْ
وقصَّة الثعبان إذ كلّمه * * * وهو على المنبر والقوم زُمرْ
والاسد العابس إذ كلّمه * * * معرّفا بالفضل منه وأقرْ
بأنـَّه مستخلف الله على الاُ * * * مّة والرَّحمن ما شاء قَدَرْ
عيبة علم الله والباب الذي * * * يُؤتى رسول الله منه المشتهرْ


وله من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين (عليه السلام):
والله ألبسه المهابة والحجى * * * وربا به أن يعبد الاصناما
أم من سواه يقول فيه أحمد * * * يوم «الغدير» وغيره أيّاما
هذا أخي مولاكمُ وإمامكم * * * وهو الخليفة إن لقيت حماما؟!
منّي كما هارون من موسى فلا * * * تألوا لحقِّ إمامكم إعظاما
إن كان هارون النبيّ لقومه * * * ما غاب موسى سيِّداً وإماما
فهو الخليفة والامام وخير مَن * * * أمضى القضاء وخفَّف الالاما
غصنٌ رسول الله أثبت غرسه * * * فعلا الغصون نضارة ونظاما


وله من قصيدة يقول فيها:
يا آل أحمد لولاكم لما طلعت * * * شمس ولا ضحكت أرضٌ من العشبِ
أبوكمُ خير من يُدعى لحادثة * * * فيستجيب بكشف الخطب والكربِ
عدل القران وصيُّ المصطفى وأبو * * * السبطين أكرمْ به من والد وأبِ
بعلُ المطهَّرة الزَّهراء ذو الحسب الـ * * * ـطهر الذي ضمَّه شفعاً إلى النسبِ
مَن قال أحمد في يوم «الغدير» له * * * مَن كنت مولىً له في العجم والعرب
فإنَّ هذا له مولىً ومنذره * * * يا حبّذا هو من مولى ويا بأبي
مَن مثله؟ وهو مولى الخلق أجمعها * * * بأمرِ ربِّ الورى في نصِّ خير نبي
يأتي غداً ولواء الحمد في يده * * * والناس قد سفروا من أوجه قطبِ


ومن قصيدته المذهبة المشهورة نقتطف ما يلي:
وسائل عن العليِّ الشانِ * * * هل نصَّ فيه الله بالقرآنِ
بأنَّه الوصيُّ دون ثانِ * * * لاحمد المطهَّر العدناني؟!
فاذكر لنا نصّاً به جليّا أجبت يكفي «خم» في النصوص * * * من آية التبليغ بالمخصوصِ
وجملة الاخبار والنصوصِ * * * غير الذي انتاشت يد اللصوص
وكتمته ترتضي اُميّا أما سمعت يا بعيد الذهنِ * * * ما قاله أحمد كالمهنّي
أنت كهارون لموسى منّي * * * إذ قال موسى لاخيه اخلفني؟!
فاسألهمُ لِمْ خالفوا الوصيّا؟! فقال هل من آية تدلُّ * * * على عليِّ الطّهر لا تعلُّ؟!
بحيث فيها الطّهر يستقلُ * * * تدنيه للفضل فيقصى كلُّ
ويغتدي من دونه مقصيّا فقلتُ: إنَّ الله جلَّ قالا * * * إذ شرَّف الاباء والانسالا
وآل إبراهيم فازوا آلا * * * إنّا وهبنا لهمُ إفضالا
لسان صدق منهمُ عليّا إنَّ عليّاً عند أهل العلمِ * * * أوّل من سُمّي بهذا الاسمِ
قد ناله من ربِّه في الحكمِ * * * على يدي أخيه وابن العمِّ
وحياً قديم الفضل عُد مليّا وهو الذي سُمِّي في التوراةِ * * * عند الاولى هاد من الهداةِ
بالنصِّ والتصريح في البراةِ * * * برغم مَن سيء من العداةِ
من كلِّ عيب في الورى بريّا وهو الذي يُعرف عند الكهنه * * * إذ جمعوا التوراة في الممتحنه
فأخذوا من كلِّ شيء حسنه * * * وهم لتوراة الكليم الخزنه
ليؤدوُا الحقَّ لهم بوريّا وهو الذي يُعرف في الانجيلِ * * * برتبة الاعظام والتَّبجيل
وميزة الغرَّة والتحجيل * * * وفوزة الرَّقيب للمجيلِ
وكان يُدعى عندهم أليّا وهو الذي يُعرف بالزَّبورِ * * * زبور داود حليف النورِ
وذي العلا والعلَم المنشورِ * * * في اسم الهزبر الاسد الهصورِ
ليث الوغا أعني به آريّا وهو الذي تدعوه ما بين الورى * * * أكابر الهند وأشياخ القرى
ذووا العلوم منهمُ بكنكرا * * * لانَّه كان عظيماً خطرا
وكنكرا كان له سميّا وهو الذي يُعرف عند الرّومِ * * * ببطرس القوّة والعلومِ
وصاحب الستر لها المكتومِ * * * ومالك المنطوق والمفهومِ
ومَن يكن ذا يُدع بطرسيّا وهو الذي يُعرف عند الفرسِ * * * لدى التعاليم وعند الدَّرسِ
بغرسنا وذاك إسمٌ قُدسي * * * معناه قابضٌ بكلِّ نفسِ
كما دعوه عندهم باريّا وهو الذي يُعرف عند التركِ * * * تيراً وذاك مشبهُ الَمحَكِّ
وانَّه يرفع كلَّ شكٍّ * * * عن كلِّ حاك قوله ومحكي
إذا عرفت المنطق التركيّا وهو الذي يدعونه في الحبشِ * * * بتريك أي مدبِّرٌ لا يختشي
لِقدرة به وبطش مدهشِ * * * وينعتونه بأقوى قرشي
فاسأل به مَن يعرف الحبشيّا وهو الذي يُعرف عند الزَّنجِ * * * بحنبني أي مُهلكٌ ومُنج
وقاطع الطريق في المحجِّ * * * إلاّ باذن في سلوك النهجِ
فإن أردتَ فاسأل الزَّنجيّا وهو فريقٌ بلسان الارمنِ * * * فاروقه الحقّ لِكلِّ مؤمن
تعرفه أعلامهم في الزّمنِ * * * فاسأل به إن كنتَ ممَّن يعتني


تحقيقه من كان أرمنيّا وله يمدح أمير المؤمنين (عليه السلام):
أنا مولّىً لمن يقول رسول الـ * * * ـلّه فيه ما بين جمٍّ غفيرِ
سوف يأتي يوم القيامة ركبٌ * * * خمسةٌ ما لغيرنا من ظهورِ
أنا منهم على البراق وبعدي * * * بضعتي فاطمٌ تسير مسيري
وأبي إبراهيم فوق ذلول * * * عزَّ قدراً بنا على الجمهورِ
وأخي صالحٌ على ناقة الـ * * * ـلّه أمامي في العالم المحشورِ
وعليٌّ على أغرّ من الجـ * * * ـنَّة ما خطبُ نعتِه باليسيرِ
في يديه من فوق رأسي لواءُ الحـ * * * ـمد للواحد الحميد الشَّكور
وعليه تاجٌ بديعٌ من النّو * * * رِ يُزاهي بإكليله المستديرِ
قد أضاءت من نوره عرصة الحشـ * * * ـر فيا حسن ذاك من منظورِ
ولتاج الوصيِّ سبعون ركناً * * * كلُّ ركن كالكوكبِ المستنيرِ
فلربّي الحمد الكثير على ما * * * قد حباني من حبِّه بالكثيرِ


وله من قصيدة اُخرى:
وقلت: «براثا» كان بيتاً لمريم * * * وذاك ضعيف في الاسانيد أعوجُ
ولكنّه بيت لعيسى بن مريم * * * وللانبياء الزُّهر مثوىً ومدرجُ
وللاوصياء الطاهرين مقامهم * * * على غابر الايّام والحقُّ أبلجُ
بسبعين موصىً بعد سبعين مرسل * * * جباههمُ فيها سجودٌ تشجّجُ
وآخرهم فيها صلاةُ إمامنا * * * عليٍّ بذا جاء الحديث المنهَّجُ


وقال أيضاً:
زوَّجك الله يا إمامي * * * فاطمة البرَّة الزكيّة
وردَّ من رامها جميعاً * * * بأوجه كرّه خزيّة
أليس قد نافقوا وإلاّ * * * لم ردَّها القوم جاهليّة([15])


z z z

وقال أيضاً:
وهل يقاس حيدرٌ بحبتر * * * وهل تقاس الارض جهلاً بالسما
هل يستوي المؤمن والمشرك * * * والمعصوم عن معصية ومن عصى
هل يستوي من كسّر الاصنام والـ * * * ـساجد للاصنام كلا لا سوى
هل يستوي الفاضل والمفضول أم * * * هل تستوي شمس النهار والدجى([16])



إبن حماد العبدي



(توفي أواخر القرن الرابع)



أبو الحسن علي بن حماد بن عبيد الله بن حماد العدوي العبدي شاعرٌ فاضلٌ وعالمٌ محدّث، أبوه من شعراء أهل البيت (عليهم السلام)، وقد سار المترجم على نهج أبيه فسلك القصائد الطوال والمدائح الكبيرة في نظم عقد ولاء أهل البيت (عليهم السلام). وهو علم من أعلام الشيعة المعاصرين للشيخ الصدوق وأحد مشائخ علم الحديث والواقعين في سلسلة الاجازات ومشايخ الرواة. وشعره في العترة الطاهرة يعبق بفضائلهم مدحاً ورثاءً، أما ولادته فالمظنون انه في اوائل القرن الرابع الهجري، ووفاته في اواخره.

ومن قصيدة له قوله:
هو الضارب الهامات والبطل الذي * * * بضربته قد مات في الحال نوفلُ
وعرَّج جبريل الامين مصرِّحاً * * * يُكبِّرُ في اُفق السما ويُهلّلُ
أخو المصطفى يوم «الغدير» وصنوه * * * ومضجعه في لحده والمغسِّلُ
له الشمس رُدَّت حين فاتت صلاته * * * وقد فاته الوقت الذي هو أفضلُ
فصلّى فعادت وهي تهوي كأنَّها * * * إلى الغرب نجمٌ للشياطين مُرسلُ
أما قال فيه أحمد وهو قائمٌ * * * على منبر الاكوار والناس نُزَّلُ
عليٌّ أخي دون الصحابة كلّهم * * * به جاءني جبريل إن كنت تسألُ؟
عليٌّ بأمر الله بعدي خليفةٌ * * * وصيّي عليكم كيف ما شاء يفعلُ
ألا إنّ عاصيه كعاصي محمَّد * * * وعاصيه عاصي الله والحقُّ أجملُ
ألا إنَّه نفسي ونفسيَ نفسه * * * به النصُّ أنبى وهو وحيٌ منزَّلُ
ألا إنَّني للعلم فيكم مدينةٌ * * * عليٌّ لها بابٌ لمن رام يدخلُ
ألا إنَّه مولاكمُ ووليّكم * * * وأقضاكمُ بالحقِّ يقضي ويعدلُ
فقالوا جميعاً: قد رضيناه حاكماً * * * ويقطع فينا ما يشاء ويوصلُ
ويكفيكمُ فضلاً غداة مسيره * * * إلى «يثرب» والقوم تعلوا وتسفل
وقد عطشوا إذ لاح في الدير قائمٌ * * * لهم راهبٌ جمُّ العلوم مكمَّلُ
فقال: وأنّى بالمياه وأرضنا * * * جبالٌ وصخرٌ لا ترام وجندلُ؟!
ولكنَّ في الانجيل أنَّ بقربنا * * * على فرسخين لا محالة منهلُ
ولم يَره إلاّ نبيٌّ مطهَّرٌ * * * وإلاّ وصيٌّ للنبيِّ مُفضَّلُ
فسار على اسم الله للماء طالباً * * * وراهب ذاك الدير بالعين يأملُ
فأوقف والفرسان حول ركابه * * * ونار الظما في أنفس القوم تشعلُ
فقال لهم: يا قوم هذا مكانكم * * * فمن رام شرب الماء للحفر ينزلُ
فما كان إلاّ ساعةً ثمَّ أشرفوا * * * على صخرة صمـّـاء لا تتقلقلُ
لُجينيَّةً ملسا كأنَّ أديمها * * * أذيب عليها التِّبر أو ريف منخلُ
فقال: اقلبوها فاعتزوا عند أمره * * * على ذاك كُلاًّ وهي لا تتجلجلُ
فقالوا جميعاً: يا عليُّ فهذه * * * صفاتٌ بها تعيى الرِّجال وتذهلُ
فمدَّ إليها ما انحنى فوق سرجه * * * يميناً لها إلاّ غدت وهي أسفلُ
وزجَّ بها كالعود في كفِّ لاهب * * * فبان لهم عذبٌ من الماء سَلسلُ
فلمّا رآها الراهب انحطَّ مُسرعاً * * * لكفّيه ما بين الانام يُقبِّلُ
وأسلم لمّا أن رآى وهو قائل * * * أظنّك آليّا وما كنت أجهلُ


وله من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين صلوات الله عليه قوله:
لعمرك يا فتى يوم «الغدير» * * * لانت المرء أولى بالاُمورِ
وأنت أخٌ لخير الخلق طرّاً * * * ونفسٌ في مباهلة البشيرِ
لقد نبعت له عينٌ فظلّت * * * تفور كأنَّها عنق البعير
وكان يقول: يا دُنياني غرّي * * * سواي فلست من أهل الغرورِ


وله من قصيدة في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:
أرضِ الاله وأسخطِ الشيطانا * * * تعط الرِّضا في الحشر والرِّضوانا
وامحض ولاءك للّذين ولاؤهم * * * فرضٌ على مَن يقرأ القرآنا
مَن بلّغ الدنيا بنصب وصيّه * * * يوم «الغدير» ليكمل الايمانا
مَن آكل الطير الذي لم يستطع * * * خلقٌ له جحداً ولا كتمانا
من آكل القطف الجنيَّ على حرى * * * وإليه أهدى ربّه رمّانا
مَن فيه أنزل هل أتى ربُّ العُلى * * * وجزاه حور العين والولدانا
مَن نصَّ أحمد في مزاياه الّتي * * * لم يُعطها ربُّ العلى إنسانا
مَن لا يُواليه سوى ابن نجيبة * * * حفظت أباه وراعت الرَّحمانا


وله يمدح أمير المؤمنين صلوات الله عليه يوم الغدير قوله:
يا عيد يوم الغدير * * * عُد بالهنا والسرورِ
ففيك أضحى عليٌّ * * * أمير كلِّ أميرِ
غداة جبريل وافى * * * من السَّميع البصيرِ
وقال: يا أحمد انزل * * * بجنب هذا الغديرِ
بلِّغ وإلاّ فما كنـ * * * ـت قائماً بالاُمورِ
فأنزل الجمع كُلاًّ * * * ثمَّ اعتلى فوق كورِ
وقال: قد جاء أمرٌ * * * من اللطيف الخبيرِ
بأن أُقيم عليّاً * * * خليفةً في مسيري


وله يمدحه صلوات الله عليه:
ما لعليٍّ سوى أخيه * * * محمَّد في الورى نظيرُ
فداهُ إذ أقبلت قريشٌ * * * إليه في الفرش تستطيرُ
قال في خمّ: إنَّ عليّاً * * * خليفةٌ بعده أميرُ
وكان قد سدَّ باب كلٍّ * * * سواه فاستغرت الصدورُ
فقال: ما تبتغون منه * * * وهو سميعٌ لهم بصيرُ
ما أنا أوصدتها ولكن * * * أوصدها الامر القديرُ


وله من قصيدة طويلة في مدحه صلوات الله عليه:
وقال لاحمد بلّغ قريشاً * * * أكن لك عاصماً أن تستكينا
فإن لم تُبلغ الانباء عنّي * * * فما أنت المبلّغَ والامينا
فأنزل بالحجيج «غدير خم» * * * وجاء به ونادى المسلمينا
فأبرز كفَّهُ للنَّاس حتّى * * * تبيَّنها جميع الحاظرينا
فأكرمْ بالَّذي رفعت يداه * * * وأكرمْ بالّذي رفع اليمينا
فقال لهم وكلُّ القوم مُصغ * * * لمنطقه وكلٌّ يسمعونا
ألا هذا أخي ووصيُّ حقّ * * * وموفي العهد والقاضي الديونا
ألا مَن كنت مولاه فهذا * * * له مولىً فكونوا شاهدينا
تولّى الله مَن والى عليّاً * * * وعادى مبغضيه الشانئينا


من قصيدة له يمدحه سلام الله عليه:
يوم «الغدير» لاشرف الايّام * * * وأجلّها قدراً على الاسلامِ
يوم أقام الله فيه إمامنا * * * أعني الوصيَّ إمام كلِّ إمامِ
قال النبيُّ بدوح «خم» رافعاً * * * كفَّ الوصيِّ يقول للاقوامِ
مَن كنت مولاه فذا مولىً له * * * بالوحي من ذي العزَّة العلاّمِ
هذا وزيري في الحياة عليكُم * * * فإذا قضيت فذا يقوم مقامي
ياربّ والِ مَن أقرَّ له الولا * * * وانزل بمن عاداه سوء حمام


ومن قصيدة له يمدحه (عليه السلام):
تروم فساد دليل النّصوص * * * ونصراً لاجماع ما قد جمعْ
ألم تستمع قوله صادقاً * * * غداة «الغدير» بماذا صدعْ؟!
ألا إنَّ هذا وليٌّ لكم * * * أطيعوا فويلٌ لمن لم يُطعْ
وقال له: أنت منّي أخي * * * كهارون من صنوه فاقتنعْ
وقال له: أنت بابٌ إلى * * * مدينة علمي لمن ينتجعْ
وقال لكم: هو أقضاكمُ * * * وكلٌّ لمن قد مضى متّبعْ
ويوم براءة نصَّ الالـ * * * ـه جلَّ عليه فلا تختدعْ
وسماه في الذكر نفس الرسو * * * ل يوم التباهل لمّا خشعْ
ويوم المواخاة نادى به * * * أخوك أنا اليوم بي فارتفعْ
ويوم أتى الطيرَ لمّا دعا * * * النبيُّ الاله وأبدى الضرعْ


وله من قصيدة في مدحه له (عليه السلام) قوله:
يا سائلي عن «حيدر» أعييتني * * * أنا لست في هذا الجواب خليقا
ألله سمـّـاه عليّاً باسمه * * * فسما علوّاً في العلا وسموقا
أخذ الاله على البريَّة كلّها * * * عهداً له يوم «الغدير» وثيقا
وغداة واخى المصطفى أصحابه * * * جعل الوصيَّ له أخاً وشقيقا


وله من قصيدة قوله:
والله ما قعد الوصيُّ لذلَّة * * * عنهم فإنَّهمُ أذلُّ وأوضعُ
لكن أراد بأن يُقيم عليهمُ * * * الحجج التي أسبابها لا تُدفعُ
غدروا به يوم «الغدير» ولم يفوا * * * ولعهده المسؤول منهم ضيَّعوا
يا قاسم النيران أُقسم صادقاً * * * بهواك حلفة مؤمن يتشيَّعُ
أنت الصِّراط المستقيم على لظىً * * * وإليك منها يا عليُّ المفزعُ
والحوض حوضك فيه ماءٌ باردٌ * * * في البعث تسقي مَن تشاء وتمنعُ
ولك المفاتح أنت تُسكن ذا لظىً * * * يصلى وهذا في الجنان يُمتَّعُ


من قصيدة له يمدح أمير المؤمنين (عليه السلام):
عليٌّ عليُّ القدر عند مليكه * * * وإن أكثرت فيه الغُواة ملامها
وعروته الوثقى الَّتي مَنْ تمسَّكت * * * يداه بها لم يخش قطُّ انفصامها
وكم غمرة للموت في الله خاضها * * * وأركان دين للنبيِّ أقامها
فواخاه من دون الانام فيالها * * * غنيمة فوز ما أجلّ اغتنامها
وولاّه في يوم «الغدير» على الورى * * * فأصبح مولاها وكان إمامها
هو المختلي في بدر أرؤس صيدها * * * كما تختلي شهب البزاة حمامها
وصاحب يوم الفتح والراية التي * * * برجعتها أخزى الاله دلامها
فقال: ساُعطيها غداً رجلاً بها * * * مُلبّىً يُوفِّي حقَّها وذمامها
وقال: على تأويل ما الله منزلٌ * * * تُقاتل بعدي يا عليُّ طغامها


من قصيدة له يمدحه صلوات الله عليه:
ولاء المرتضى عُددي * * * ليومي في الورى وغَدي
أمير النحل مولى الخلق * * * في «خُمّ» على الابدِ
شبيه المصطفى بالفضـ * * * ـلِ لم ينقص ولم يزدِ
وجنب الله في كتب * * * وعين الواحد الصَّمد


وله يمدح أمير المؤمنين (عليه السلام):
حدّثنا الشيخ الثقه * * * محمَّدٌ عن صدقه
روايةً متَّسقه * * * عن أنس عن النبي
رأيته على حرى * * * مع عليّ ذي النُهى
يقطف قطفاً في الهوا * * * شيئاً كمثل العنَب
فأكلا منه معا * * * حتّى إذا ما شبعا
رأيته مرتفعا * * * فطال منه عجبي
كان طعام الجنَّةِ * * * أنزله ذو العزَّةِ
هديَّةً للصفوةِ * * * من الهدايا النّخبِ


وله في المعنى قوله:
ذاك عليُّ المرتضى الطّهر الذي * * * بفخره قد فخرت عدنانه
صنو النبيِّ هديه كهديه * * * إذ كلُّ شيء شكله عنوانه
وصيّه حقّاً وقاضي دينه * * * إذ اقتضى ديونه ديّانه
وارثه علم الهدى أمينه * * * في أهله وزيره خلصانه


وله أيضاً:
وقصة القوم لما أقبلوا طمعاً * * * لفاطم من رسول الله خطّابا
قالوا نسوق إليها المال مكرمة * * * وأرغبوا في عظيم المال إرغابا
فقال ما في يدي من أمرها سبب * * * والله أولى بها أمراً وأسبابا
وجاءه المرتضى من بعد يخطبها * * * فرد مستحياً منه وقد هابا
وقام منصرفاً قال النبي له * * * وقد كسي من حياء كل جلبابا


وله أيضاً:
فسمـّـاه ربُّ العرش في الذكر نفسه * * * فحسبك هذا القول إن كنت ذا خُبرِ
وقال لهم هذا وصيّي ووارثي * * * ومن شدَّ ربُّ العالمين به أزري


وله أيضاً:
وقال ما قد رويتم حين ألحقه * * * بنفسه عند تأليف يؤلّفه
ونفس سيّدنا أولى النفوس بنا * * * حقّاً على باطل النّصاب نقذفه([17])


وله كذلك قصائد طويلة مشحونة بمديح أهل البيت (عليهم السلام) ورثائهم والانتصار لهم، رحمه الله واجزل مثوبته ورزقنا اجره وشفاعة اسياده.


الفصل الخامس




في شعراء القرن الخامس






الشريف الرضي

(359 هـ - 406 هـ)




الشريف ابو الحسن محمد بن الطاهر ذي المنقبتين المتّصل نسبه الى الامام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، شاعر ش
ابومهندالسلامي النجفي
ابومهندالسلامي النجفي
انت رائع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى